سورة البقرة 002 - الدرس (65): تفسير الآيات (189 - 189) الآيات القرآنية الكونية فيها أصول العلوم كلها

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات"> سورة البقرة 002 - الدرس (65): تفسير الآيات (189 - 189) الآيات القرآنية الكونية فيها أصول العلوم كلها

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات">


          مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج أنت تسأل والمفتي يجيب 2: انت تسأل - 287- الشيخ ابراهيم عوض الله - 28 - 03 - 2024           برنامج مع الغروب 2024: مع الغروب - 19 - رمضان - 1445هـ           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم-غزة-فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله-د. زيد إبراهيم الكيلاني           برنامج خطبة الجمعة: خطبة الجمعة - منزلة الشهداء - السيد عبد البارئ           برنامج رمضان عبادة ورباط: رمضان عبادة ورباط - 19 - مقام اليقين - د. عبدالكريم علوة           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 371 - سورة النساء 135 - 140         

الشيخ/

New Page 1

     سورة البقرة

New Page 1

تفسير القرآن الكريم ـ سورة البقرة - تفسيرالآية: (189) - الآيات القرآنية الكونية فيها أصول العلوم كلها

20/03/2011 18:44:00

سورة البقرة (002)
الدرس (65)
تفسير الآية: (189)
الآيات القرآنية الكونية فيها أصول العلوم كلها
 
لفضيلة الدكتور
محمد راتب النابلسي
 

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 
الكون مظهرٌ لأسماء الله الحسنى :
 
أيها الأخوة الكرام... مع الدرس الخامس والستين من دروس سورة البقرة، ومع الآية التاسعة والثمانين بعد المئة، وهي قوله تعالى:
    
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
أيها الأخوة، يسألونك عن الأهلَّة، جمع هلال، وسُمِّيَ الهلالُ هلالاً لأن الإنسان إذا رآه هلَّل، على كلٍ أراد الله الهلال ولعل الآية الكريمة تَعْنِي الكون كلَّه، ما موقع الكون في الدين؟
الكون أيها الأخوة مظهرٌ لأسماء الله الحسنى، أو تجسيدٌ لأسمائه الحسنى، والله عزَّ وجل لا تُدْرِكُهُ الأبصار، ولكن تدركه العقول من خلال آثار القُدْرَة،فالله عزَّ وجل أسماؤه كلها حسنى؛ هو الغني، والقوي، والسميع، والبصير، والحكيم، والرحيم، والمجيب، هذه الأسماء كلُّها يمكن أن تتبدَّى من خلال خلقه، فلو فكَّرنا في مخلوقاته لعرفناه.
هذا جانبٌ من جوانب زاوية فهمنا للكون، الكون يجسِّد حكمة الله، ويجسِّد عِلْمَ الله، ويجسد رحمة الله، ويجسد قوَّة الله، كل أسمائه الحسنى، وصفاته الفُضلى مجسَّدةً في الكون، فأنت إذا بحثت في الكون كما أمرك الله عزَّ وجل:
﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.
[ سورة يونس: 101 ].
﴿  فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾.
[ سورة عبس: 24]
﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴾
[ سورة الطارق: 5]
عرفته من خلال ذلك.
 
تحتَلّ آيات الكونيات سُدُسَ القرآن لأنها تعريفٌ بالله عزَّ وجل من خلال خَلْقِهِ :
 
لكن هناك شيء آخر، هو أن الله عزَّ وجل ذكر هذه الآيات التي تزيد عن ألفٍ وثلاثمئة آية في هذا القرآن الكريم الذي تقترب آياته من ستة آلاف آية، إذاً تحتَلّ آيات الكونيات سُدُسَ القرآن، لأن هذا السُدُس تعريفٌ بالله عزَّ وجل من خلال خَلْقِهِ، ولكن شاءت حكمة الله، أو أنه وجَّه نَبِيَّه ألاّ يتكلَّم عن هذه الآيات إطلاقاً، لأن النبي عليه الصلاة والسلام رأى من آيات ربِّه الكبرى، حينما كان في أعلى  مقام، حينما كان في سدرة المنتهى رأى من آيات ربه الكُبرى، ولكن لو أن النبي عليه الصلاة والسلام شرح هذه الآيات الكونية شرحاً كما رأى، لأنكر عليه من حَوْلَهُ، ولو وصفها وصفاً مُبَسَّطاً لأنكرنا عليه نحن، وربما أنكر عليه من بعدنا، لأن علم الإنسان في تطوّر، ولأن الكشوفات العلميَّة في تطور، فالله جلَّ جلاله ترك الآيات الكونية ليكشِفَ أسرارها عُلماء كل عصرٍ بحسب تفوّقهم ووصولهم إلى بعض الحقائق. لكن الله عزَّ وجل أراد في هذه الآية أن يلفتنا إلى الجانب النَفْعِيَ من الآية.
بالمناسبة: الآية الكونيَّة لها جانب معرفي، وجانب نَفْعِي، فالنفعي في الدنيا، فالهلال مثلاً ننتفع به كمواقيت للناس والحج، والهلال يمكن أن يكون أداةً للتعرُّف على الله عزَّ وجل، هذه هي المهمة المَعْرِفية، وكل شيءٍ خلقه الله عزَّ وجل من دون استثناء له مهمتان: مهمةٌ كبرى؛ وهي تعريف الناس بالله، ومهمةٌ صُغرى؛ وهي الانتفاع به.
أهل الدنيا ـ الكفار ـ استفادوا من الناحية الثانية إلى أعلى درجة، فكل ما في الطبيعة من ثروات، من أشياء جمالية، من نباتات، من أزهار استفادوا منها، ولكن المؤمنين وحدهم استفادوا من الوظيفة الأولى: أنها تعرِّفنا بالله عزَّ وجل، فأينما ذهبت، وأينما جلست، وحيثما نظرت أنت أمام آيات لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى.
 
الآيات الكونية أدوات معرفية لننتفع بها ونشكر الله :
 
أنت حينما تشرب كأس الحليب ربما لا تنتبه، كأس الحليب هذا مِن مخلوقٍ سخَّره الله لنا، وذلله لنا، وهذا المخلوق يأكل من حشيش الأرض، وهناك غُدَدٌ ثدييةٌ بالغة التعقيد، على شكل غدد كبيرة، وأسناخ صغيرة، وعلى شكل حويصلات، وعلى شكل قُبَّة، وتجري حولها أوعيةٌ دمويةٌ كثيفةٌ جداً، وهذه الخليَّة الثديية يجهل العلماء حتى الآن طبيعة عملها؛ تختار من الدم المواد المعدنية، والفيتامينات، والمواد السُكَّرية، والمواد الدسمة، وغازات مُنْحَلَّة وتصنع منها قطرة حليبٍ تسقط في جوفٍ ينتهي إلى ضِرْعِ البقرة، فالإنسان حينما يشرب كأس الحليب، أو يأكل قطعة جبن، ينبغي أن يتذكَّر أن هذه آيةٌ كبرى:
  ﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾.
[ سورة النحل: 5 ].
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ* وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ* وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾.
[ سورة يس: 71-73]
الذي أريد أن أبدأ به الدرس هو: أن هذه الآيات الكونية آياتٌ من أجل أن نعرف الله، وكلَّما فكَّرنا فيها ازدادت معرفتنا بالله، وهذه الآيات الكونية أدوات معرفية، والعقل مصمم على التعامل معها تعاملاً إيجابياً، فقد يكون طريق معرفة الله،أو أحد طرق معرفة الله، أو أحد أكبر طرق معرفة الله التفكُّر في خلق السماوات والأرض، الحد الأدنى من هذه الآيات الكونيَّة أن ننتفع بها، وإذا انتفعنا بها شكرنا الله عزَّ وجل.
 
نظرية أينشتاين التي يتباهى الغرب بها مودعةٍ في آيةٍ قرآنيَّة :
 
الإنسان قد لا يعرف ما هو تركيب الحليب ولا كيف يُصنع الحليب؟ أما عندما يشرب كأساً من الحليب يقول: الحمد لله، فلك أن تتحرَّك في المستوى الأدنى كأن تأخذ الانتفاع وتشكر الله عليه، ولك أن تصعد إلى المستوى الأعلى، أن تفهم سرَّ هذه الآية، بحسب ثقافة الإنسان، بحسب معطياته، بحسب علمه، بحسب البيئة التي يعيش فيها، إذا عاش في بيئة بسيطة، أو بيئة ذات تطوّر علمي كبير، قال تعالى:
     
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾.
يمكن أن يفهمه كتقويمٍ موضوعٍ في السماء يراه كل الناس، تقويمٌ كبير تحت يدي كل إنسان، يقول لك: أول الشهر، نصف الشهر، القمر بدر، أما لو أردنا أن نفهم قضية القمر بشكلٍ علمي، أو بشكلٍ تفصيلي لدهشنا.
أيها الأخوة... هذا القمر يدور حول الأرض دورةً كل شهر، لو حسبنا كم يقطع من الكيلومترات في رحلته حول الأرض؟ فالقضية بسيطة جداً، إذا وصلنا مركز القمر ومركز الأرض بخط، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض، ومن نصف قـطر الدائرة نعرف قطر الدائرة ضرب اثنين، ومـن قطر الدائرة نضربه في [بي] [ 3.14 ] نأخذ المحيط، فلو حسبنا البعد بين مركزِ الأرض ومركز القمر، أو بين سطح الأرض وسطح القمر مضافٌ إليهما المسافة بين السطح والمركز في كل من الأرض والقمر، لعرفنا نصف القطر، لو ضربنا هذا الرقم باثني عشر، كم يقطع القمر في رحلته في عام، لو ضربناه بألف، عرفنا كم يقطع القمر في رحلته في ألف عام، رقم كبير.
﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
[ سورة الحج: 47]
هذا الرقم لو قسَّمناه على ثوانِ اليوم لنتج معنا سرعة الضوء الدقيقة، فتكون مئتين وتسعة وتسعين ألفاً وسبعمئة واثنين وخمسون. هذه أحدث نظرية ـ نظرية أينشتاين ـ النسبيّة، القائمة على أن الأجسام إذا سارت بسرعة الضوء أصبحت ضوءاً، وتوقَّف الزمن، فالزمن هو البعد الرابع للأشياء، وأن هذه الأشياء لو سبقت الضوء لتراجع الزمن، وأن هذه الأشياء لو قصَّرت عن الضوء لتراخى الزمن، وأن الشيء إذا سار مع الضوء أصبحت كتلته صفراً وحجمه لا نهائياً، هذه النظرية الطويلة التي يتباهى الغرب أنه كشفها في القرن العشرين مودعةٍ في آيةٍ قرآنيَّة:
﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
[ سورة الحج: 47]
أيْ ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يومٍ واحد.
 
الحكمة من دوران الأرض حول محور مائل :
 
أيها الأخوة.. شيءٌ آخر، لو أن القمر يدور في دورته حول الأرض بسرعة الأرض تماماً لم يعد ميقاتاً للناس والحج، لأن دورته تنزَلِقُ في سرعتها عن دورة الأرض ظهر هلالاً، لأن الشمس والأرض، الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرَّة، والأرض أصغر منها ـ كما قلت قبل قليل ـ بمليون وثلاثمئة ألف مرَّة، والقمر بينهما، فحينما تحجب الشمس القمر يظهر هلالٌ منه، وهذا الهلال يكبر ويكبر حتى يصبح بدراً، إذا القمر بين الشمس والأرض صار بدراً، فإذا لم يكن القمر بين الشمس والأرض حجبته الشمس أو حجبته الأرض فصار هلالاً، والقضية ترجعون إليها في كُتب الفَلَك.
مَنْ جعل هذه الدورة بهذا النَمَط؟ هناك أشياء بالفلك أيها الأخوة الكرام ربما لا نعلِّق عليها أهميَّة، الأرض لها محور مائل، لو كان المحور عمودياً على مستوي الدوران، لألغيت الفصول، الشمس هنا والأرض هكذا، فهذا الوسط صيف دائماً، وهذا الوسط شتاء دائماً، ولكن لأن محورها مائل فصار هناك مكان عمودي ومكان مائل، فلمَّا انتقلت الأرض إلى الجهة الثانية صار المكان المائل عمودياً، والمكان العمودي مائلاً، صار هناك صيف وشتاء، وربيع وخريف.
لو أنّ الأرض تدور في محورٍ يوازِي مستوي دورانها لألغيت الحياة من على الأرض، لو دارت هكذا، الشمس من جهة واحدة، الوجه المقابل للشمس مع دورانه حرارته ثلاثمئة وخمسون درجة فوق الصفر، والوجه المقابل مئتان وسبعون تحت الصفر، انتهت الحياة، أي تعديل على وضع الأرض؛ في حجمها، في شكلها، في دورانها، في ميل محورها يُعَطِّل هذا النظام المبدع الذي نحن نعاينه.
 
الكون سخره الله لنا تسخير تعريف كي نؤمن وتسخير تكريم كي نشكر :
 
أيها الأخوة الكرام:
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾.
إذاً الكون الذي بين أيدينا، والذي سخَّره الله لنا، مسخَّرٌ لنا مرَّتين: تسخير تعريف، وتسخير تكريم، فَرَدُّ فعل التعريف أن تؤمن، ورَدُّ فعل التكريم أن تشكر، فإذا آمنت، وشكرت فقد حقَّقت الهدف من وجودك، قالتعالى:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ ﴾.
[ سورة النساء: 147 ]
أيْ حينما تؤمنون، وحينما تشكرون حققتم الهدف من خلقكم، انتهت المعالجات كلها، معنى هذا حينما يسوق الله لعباده بعض المعالجات إما لضعفٍ في إيمانهم، أو لضعفٍ في عملهم، إما هناك خلل في إيمانهم فيسوقهم إلى إيمانٍ أعلى، أو أنّ هناك خللاً في استقامتهم فيدفعهم إلى استقامةٍ أتم.
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾.
 
أهدافك في الدنيا لا يمكن أن تصل إليها إلا عن طريق استقامتك على أمر الله :
 
مركز الثِّقَلِ في الآية :
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
هذه الآية أيها الأخوة مهمةٌ جداً في حياة المسلمين، البر مُطْلَق الخَيْر، فالخير العميم الصحة، المال، الأهل، انتظام الحياة، فسمِ الخير المطلق براً، والبر له طريق، قد يسلك الناس إليه طريقاً غير صحيح، الطريق مسدود، فمن أراد أن يجمع المال بطريقةٍ ذكيةٍ غربيةٍ غير مشروعة ربما لا يجمعه، وقد يجمعه ثم يُتْلِفُهُ الله، أما لو أراد أن يجمعه عن طريق الاستقامة على أمر الله فإنه يُصِبْ هدفه، أريد أن أقول: أهدافك في الدنيا لا يمكن أن تصل إليها إلا عن طريق استقامتك على أمر الله..
﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى ﴾.
من اتقى أن يعصي الله عزَّ وجل وصل إلى البر، طريق النجاح على إطلاقه، طريق الفلاح، طريق الراحة النفسيَّة، طريق الاستقرار الأسري، طريق النجاح في العمل، طريق الشعور بالصحة النفسيَّة، طريق النماء هو أن تكون مع الله، وأن تكون مطبِّقاً لمنهجه. مثل قريب: معمل كان يعتمد في ترويج بضاعته على الصدق، والأمانة، والإتقان، وخدمة الناس، وبذل الصدقات، تأتي إدارة جديدة لهذا المعمل؛ يوقف الصدقات، يوقف كل مساعداتٍ للعمال، ويبدأ بحملة إعلانيَّة عالية جداً، هذا الطريق طريق غربي لترويج البضاعة.
إن أردت أن تكون ذا مال فاسلك طريق حق، فهناك أساليب غربيَّة، أرضيَّة، نقتبسها من البلاد الشاردة عن الله عزَّ وجل، وهناك أساليب إسلامية، إنّ إتقان بضاعتك، والاستقامة على أمر الله، والإحسان للخلق سببٌ لترويج بضاعتك، وليس بأن تقوم بحملة إعلانيَّة عالية جداً، وهناك من يقول: لا بد مع هذه الحملة الإعلانية من امرأةٍ تروِّج هذه البضاعة. فالوصول إلى هدفك لا يكون عن طريق قوانين اخترعها الكفار، الوصول إلى هذا الهدف يكون عن طريق تقوى الله عزَّ وجل.
 
الإنسان حينما يقصِّر مع الله عزَّ وجل يدخل في حالة قلق :
 
قس على المال كل شيء، الوصول إلى النجاح في الزواج لا يكون عن طريق اختيار زوجة تملأ البيت حسناً وجمالاً، بل عن طريق اختيارها تملأ البيت تقوىً وصلاحاً، فالمرأة الصالحة هذه أحد أسباب السعادة الزوجية، فلذلك حينما يبحث الإنسان عن مصالحه، أو يبحث عن مطامحه بطريقةٍ غير منهجيةٍ، وغير صحيحة فهو يمشي في طريقٍ مسدود، فالآية دقيقة جداً..
﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ﴾
الإنسان حينما يقصِّر مع الله عزَّ وجل يدخل في حالة قلق، هذا القلق يدمِّر صحته النفسية، لأن الزمن ليس لصالحه، والإنسان معرَّض أن يقع في حادث، أن يقع في فقر مفاجئ، أن يقع في مرضٍ شديد، أن يقع في خلاف في عمله، أن يخسر بعض ما آتاه الله، فما دام يمشي وحده من دون مظلةٍ إلهيةٍ فهو في قلق، أما إذا أراد السعادة النفسية، فليجعل من طاعته لله سبباً لهذه السعادة، وعندها يكون قد حصَّل ما يريد..
﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى ﴾
هناك أشياء واضحة، إذا أنت أقرضت قرض ربوي، المئة ألف تعود لك مئة وعشرين ألفاً على الآلة الحاسبة، أما إذا أقرضت قرضاً حسناً لوجه الله، المئة ألف تعود مئة ألف، وإذا كنت اقتصادياً، وعندك معلومات دقيقة في الاقتصاد، تقول: هناك تضخم نقدي بالمئة سبعة عشر، معنى ذلك أن المبلغ رجع لي ثلاثة وثمانين فقط، يأتي القرآن فيقول لك:
 ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً﴾.     
[سورة البقرة: 245]
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾.
[ سورة البقرة: 286 ].
أنت أمام حسابات بسيطة، وأمام آية قرآنية من عند خالق الكون، فأنا أريد من خلال هذه الآية أن أقول لكم: إن الطريق إلى البر، مطلق البر الذي هو السلامة والسعادة في الدنيا والآخرة هو طاعة الله، وهناك مناهج أرضيَّة، وهناك مسالك أرضيَّة، وهناك سُبُل، وهناك قوانين لا تُعَدُّ ولا تحصى، إنها كلها تنتهي إلى طريقٍ مسدود.
 
لن نحقِّق أهدافنا الكبرى في الدنيا والآخرة إلا بطاعة الله عزَّ وجل :
 
في بلادٍ شردت عن الله عزَّ وجل، من أجل ترويج البيع البضاعة التي يقتنيها الرجال يضعون بائعات، وفي البضاعة التي يقتنيها النساء يضعون بائعين من أجل الجذب، وتارةً باليانصيب، وتارةً بالسحب، وتارةً بجوائز مُغْرية، وتارةً بإعلانات فاضحة، هذه كلها أساليب تستخدم لترويج البيع والشراء، أما البر: " أن تأتوا البيوت من أبوابها ".
 
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وابشروا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾.
[ سورة فصلت ]
قد يظن إنسان أن سعادته الزوجية باختيار زوجةٍ في أعلى مراتب الجمال، وبعد أن يقترن بها ينظر إلى غيرها بشكلٍ أو آخر، أما حينما يغُضُّ بصره عن محارم الله يصل إلى السعادة الزوجية دون أن يشعر، فالسعادة الزوجية لها طريق، والربح له طريق، كله ضمن منهج الله عزَّ وجل، فإذا أردت أن تبيع وتربح يجب أن تكون صادقاً، وأن تكون أميناً، وأن تكون بضاعتك شرعيَّةً. فأنا أضرب الأمثلة من أجل توضيح هذه الحقيقة: لن تحقِّق أهدافك الكبرى في الدنيا والآخرة إن لخَّصناها بسلامتك وسعادتك، إلا بطاعة الله عزَّ وجل.
 
الإنسان بعقله يصل إلى الله ولكنه لا يحيط به :
 
قال تعالى:
    
﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
أيْ أنْ تكشف القوانين، فهناك حقيقة، الله عزَّ وجل يقول:
﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ﴾.
[سورة آل عمران: 103]
قال بعض علماء التفسير: أن الأمة إذا أمسكت بهذا الحبل جميعاً، والله يمسك بهذا الحبل، فهم مع الله دائماً، هم في نجاةٍ من عدوانٍ، نجاةٍ من قهرٍ، نجاةٍ من ظلمٍ، نجاةٍ من خوف، فكلما تمسَّكنا بحبل الله كنا في سلامةٍ وسعادة، فإذا تفلَّتنا من هذا الحبل، واتبعنا، وأصبحنا في مناهج شتى، طبعاً لن يكون الله معنا.
يا أيها الأخوة الكرام... دائماً وأبداً الخير كل الخير، والنجاح كل النجاح، والتفوُّق كل التفوُّق، والسعادة كل السعادة في طاعة الله، ومستحيلٌ وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر، أو أن تعصيه وتربح.
أيها الأخوة... مرَّةً ثانية ينبغي أن نعلم أن الإنسان بعقله يصل إلى الله، ولكنه لا يحيط به، يصل بعقله إلى الله من خلال خلقه، وهذا الكون الذي هو خلق الله عزَّ وجل في مستوى أعلى في فهمه، وفي مستوى أدنى، لو أدركت الناحية النفعية منه فقط. كأن ذكرت مثل الحليب، ممكن أن تقول: هذا الحليب من صنعه لنا؟ الله الذي صنعه، صمم هذه البقرة وهي تعطي الحليب، ويمكن أن تكتشف آلية هذا العمل الدقيق جداً عن طريق العلم والدراسة والبحث. فأنت حينما تعرف الله من خلال الكون يقفز إيمانك، وحينما تشكر الله من خلال هذه النعمة يزداد حبك..
((أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله إياي، وأحبوا أهل بيتي لحبي)).
[من الدر المنثور في التفسير بالمأثور عن ابن عباس ].
العبرة أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، والكون مسخَّر تسخيرين: تسخير تعريفٍ وتكريم. أنت إن آمنت حقَّقت تسخير التعريف، وأنت إن شكرت حققت تسخير التكريم، والآيات الكونيَّة في القرآن الكريم لم يتحدَّث النبيُّ عنها شيئاً بل تركها لكل عصرٍ، تُفهم بحسب تطوره العلمي. وكل آيةٍ كونيةٍ تفهم على مستوياتٍ عديدة، ولكن النهاية أن الله يحاسبك عن منهجه هل طبَّقته أم لا؟
 
في القرآن آياتٌ لمَّا تُفسّر بعد وكلما تقدَّم العلم ظهرت بعض التفسيرات :
 
لو تصوَّر إنسان حقيقة كونيَّة على خلاف ما هي عليها، وكان مطيعاً لله فإنه ينجو، معه تكليف: افعل ولا تفعل، فالعبرة أن تطبق التكليف، فإذا أحببت أن تفهم أن هذا القمر مواقيت للناس والحج فقط، أو إذا أحببت أن تفهم أن هذا القمر في دورته حول الأرض يعبر عن النظرية النسبيَّة بتفصيل دقيق، عندها تحتاج علماء فلك لِيقيسوا بعد الأرض عن القمر، ويكشفوا مركز القمر ومركز الأرض، والخط بينهما، ثم يُضرب بضعف، ثم يضرب بالـ بي [ 3.14 ] وبعدها نجري حساباً كم يقطع القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام؟ وبعدها نقسمه على ثوانٍ اليوم نحصل على سرعة الضوء، معنى هذا أن هذه النظرية العظيمة هي واردة في القرآن، واردة كأصول.
أنت حينما تفهم الشيء بشكل نفعي مباشر، مقبول ومشكور، العبرة أن تطيع الله عزَّ وجل، وحينما تفهم هذه الآية بشكل علمي عميق جداً، وقد تظهر علومٌ جديدةٌ في المستقبل، توضح لنا خفايا بعض الآيات التي نقرؤها الآن، وربما لا نفهم منها شيئاً، هذا ما يعنيه الإمام عليّ كرَّم الله وجهه: " في القرآن آياتٌ لمَّا تُفسَّر بعد "، كلما تقدَّم العلم ظهرت بعض التفسيرات، فمثلاً اقرأ قوله تعالى:
﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
[ سورة الرحمن ].
افتح كل التفاسير، آيةٌ حيَّرت العلماء، أين هذا البرزخ بين البحرين؟ هذا البحر الأحمر والبحر العربي، والأبيض والأسود، والأبيض والأحمر، والأبيض والأطلسي، والأطلسي والهادي، عند المضائق والمعابر أين البرزخ؟ حينما صعدوا إلى الفضاء الخارجي رأوا خطاً بين كل بحرين، رسمت آلات التصوير خطاً بين كل بحرين، هذا الخط خط تباين ألوان، فلما نزلوا إلى الأرض وجدوا أن كل بحرٍ له كثافته، وملوحته، ومكوِّناته، وخصائصه، وأن مياه أيّ بحرٍ لا يمكن أن تختلط بالبحر الآخر، ولو كان هناك اتصالٌ بينهما، هذا الشيء كشفه عالم البحار الشهير ولم يعلم أن في القرآن آيةً تشير إلى هذه الحقيقة، الآن عُرف أن هذه الآية تعني أن بين كل بحرين برزخاً:
﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
[ سورة الرحمن ].
ثم اكتشفوا أن بين كل بحرِ ملحٍ أجاجٍ وبحرٍ عذبٍ فرات أيضاً برزخ، لذلك مصبَّات الأنهار في البحار فيها أكبر تَجَمُّع سَمَكي، لأن أسماك المياه العذبة لا تنتقل إلى المياه المالحة، فأكبر مكان صَيْد هو مَصَبَّات الأنهار العذبة في البحار.
 
آيات من القرآن تؤكد الإعجاز العلمي في القرآن :
 
قال تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً ﴾.
[ سورة الفرقان].
الحجر المحجور هو حاجزٌ بين المياه العذبة والمالحة أيضاً، فلا ينتهي موضوع الآيات الكونية التي كشف العلماء أنها تنطبق على الحقيقة العلميَّة مئةً بالمئة، فهناك شيء متعلق بخلق الإنسان، وشيء متعلق بالأجرام السماوية، ما من شكل هندسي إذا دار حول نفسه أمام منبعٍ ضوئي أدى لتداخل الأبيض والأسود، أو النور والظلام إلا الكرة، والأرض كذلك، معنى قوله تعالى:
﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾.
[سورة الزمر: 5].
أيْ يتداخل الليل والنهار في الكرة الأرضيَّة، لأنها كرة:
﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ ﴾.
[سورة الرعد: 3 ].
لا يوجد شكل هندسي تمتد عليه الخطوط إلى ما لا نهاية إلا الكرة، وأي شكل آخر؛ مكعَّب، متوازي، موشور، فيه حروف، أما الشكل الهندسي الوحيد الذي ليس له حروف هو الكرة:
﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ ﴾.
[سورة الرعد: 3 ].
﴿ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾.
[سورة النحل: 15 ].
 
أصول العلوم كلها موجودة في الآيات القرآنية الكونية :
 
تحتاج العجلات إلى أثقال خفيفة، كي تستقيم في دورتها، لولا هذه الأثقال لاضطربت.
﴿ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾.
[سورة النحل: 15 ].
هذه آية قرآنية، آيات كثيرة تشير إلى أن الجبال كالأوتاد، معنى كالأوتاد: أي أنها تربط طبقات الأرض بعضها ببعض.
﴿ وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً ﴾.
[سورة النبأ: 7 ].
لو قرأت الآيات القرآنية الكونية، لوجدت فيها أصول العلوم كلها، هذه موضوعاتٌ للتفكر ولمعرفة الله عزَّ وجل.
الآية التي درسناها:
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
 
والحمد لله رب العالمين
 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب