سورة يس 036 - الدرس (7): تفسير الأيات (77 – 83) إبداع الله عز وجل  في كل شيء خلقه

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ..."> سورة يس 036 - الدرس (7): تفسير الأيات (77 – 83) إبداع الله عز وجل  في كل شيء خلقه

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ...">


          مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج أنت تسأل والمفتي يجيب 2: انت تسأل - 287- الشيخ ابراهيم عوض الله - 28 - 03 - 2024           برنامج مع الغروب 2024: مع الغروب - 19 - رمضان - 1445هـ           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم-غزة-فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله-د. زيد إبراهيم الكيلاني           برنامج خطبة الجمعة: خطبة الجمعة - منزلة الشهداء - السيد عبد البارئ           برنامج رمضان عبادة ورباط: رمضان عبادة ورباط - 19 - مقام اليقين - د. عبدالكريم علوة           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 371 - سورة النساء 135 - 140         

الشيخ/

New Page 1

     سورة يس

New Page 1

تفســير القرآن الكريم ـ ســورة يس ـ (الآيات: 77 - 83) -إبداع الله عز وجل  في كل شيء خلقه

15/08/2012 17:21:00

سورة يس (036)
الدرس (7)
تفسير الآيات: (77 – 83)
إبداع الله عز وجل  في كل شيء خلقه
 
لفضيلة الدكتور
محمد راتب النابلسي
 

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
  الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
 
الله جل جلاله حضّ الإنسان على التفكّر في خلقة : 
 
أيها الأخوة الأكارم : مع الدرس السابع والأخير من سورة يسومع الآية السابعة والسبعين .
يقول الله جل جلاله في أواخر سورة يس:
 
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) ﴾ .
هذه الصيغة في علم البلاغة هي استفهام إنكاري ، والإنسان إذا عُرِّفَ بـ (ال) فهذا تعريف الجنس أي : أيّ إنسان ، ومعنى ذلك أن أي إنسان مزود بقوى إدراكية تعينه على معرفة خالقه ومربيه من خلال الآيات التي بثها في الكون ﴿أولم ير الإنسان ﴾ وكلمة يرى هذه تعني العلم ، رأيت العلم نافعاً ، رأيت الفقر موجعاً ، هذه الرؤية تعني العلم فكأن الله جل جلاله يحض الإنسان على أن يرى ، يرى ماذا ؟ يرى عظمة الله من خلال خلقه ، ويرى ضعفه ، ﴿أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ﴾ كلكم يعلم أن النطاف (جمع نطفة) تزيد في اللقاء الزوجي عن ثلاثمئة مليون حوين في سم3 للسائل المنوي ، وأنَّ كل نطفة أو كل حوين إنْ هو إلا خلية لها رأس ولها عنق ولها ذيل وأما هذه النطفة أو هذا الحوين أو هذه الخلية عليها مورثات فيها معلومات تزيد عن خمسة آلاف مليون معلومة مبرمجة ، تسهم هذه المعلومات في تشكيل الإنسان بأدق تفاصيله مع برنامج زمني دقيق دقيق ، فعلى كلٍ إن شاء الإنسان أن يغوص في التفاصيل التي عرفها العلماء أو أن يبقى في الكليات ، في كلا الطريقين هناك طريق موصل إلى الله عز وجل .
 
إعجاز خلق الله جل جلاله في خلق الإنسان من نطفة : 
 
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ (77) ﴾ .
أي ماء مهين ، ومعنى مهين أي يستحي به الإنسان و ثلاثمئة مليون حوين في سم3 للسائل المنوي ، ويُخْلَق الإنسان من حوين واحد ، وهذا الحوين يدخل إلى البويضة وكما ذكرت في الدرس الماضي في رأسه مادة نبيلة مغلفة بغشاء رقيق إذا اصطدم هذا الحوين بجدار البويضة تمزق الغشاء وساهم هذا السائل النبيل في إذابة جدار البويضة ؛ فإذا دخل الحوين إلى البويضة وتم التلقيح بدأ الانقسام ، ولا تزال البويضة في الأنبوب الواصل بين المبيض والرحم ، تنقسم الخلية الملقحة إلى عشرة آلاف جزيء من دون أن يزداد حجمها لأنه لو ازداد حجمها لتعثرت في طريقها إلى الرحم .
يد من صممت ؟ ويد من نفذت ؟ وهذه البويضة أحياناً الله عز وجل قال:
 
﴿ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا (50)﴾ .
(سورة الشورى : الآية50) .
أي هذا الحوين لا يستطيع الدخول إلى البويضة إذا كان الرجل عقيماً ، من يستطيع أن يتدخل في مثل هذه الحالات . قد يكون العقيم ملكاً ولا يستطيع أن ينجب ، وينفق الأموال الخيالية الفلكية ليكون منجباً فلا يستطيع .
 
 خلق الإنسان من آيات الله الدالة على عظمته :
 
﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا (50) ﴾ .
 (سورة الشورى : الآيات49-50) .
فهذا هو خلق الله عز وجل أما كلمة يرى ، فالإنسان إن لم يقرأ هو يرى بعينيه ، إن لم ير خلقه ير خلق ابنه ويرى خلق من حوله ، فهذه آية ليرى من آيات الله الدالة على عظمته وفي آيات أخرى يقول الله عز وجل :
 
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)﴾ .
 (سورة الطارق : الآيات 5-8)  
أي إذا قرأ أحدكم علم الجنين أو علم الأجنة لا يملك إلا أن يقشعر جلده ، وأن تنهمر دموعه لعظم الآيات التي يراها في خلق الإنسان ، بالغة العظمة ، بالغة الدقة ، بالغة التعقيد لدرجة أنه لابد من يد حكيمة هي أحكم ما تكون ، قديرة هي أقدر ما تكون ، عليمة هي أعلم ما تكون ، تُسَيِّرُ هذا الجنين في بطن أمه ليكتمل خلقه في تسعة أشهر وعشرة أيام ، على كل لا مجال للتفاصيل الدقيقة لكن من أراد أن يزداد علماً في هذا الموضوع فليرجع إلى الكتب التي تتحدث عن علم الأجنة .
 
 
الإنسان المتكبر إنسان جاهل ومنقطع عن الله عز وجل  :
 
 الإنسان مادام نطفة خرج من عورة ودخل إلى عورة ثم خرج من عورة ، والماء المهين والحوين الصغير لا يرى بالعين المجردة يرى بالمجهر ، والبويضة في المرأة هي أكبر خلية بالنوع البشري ومع ذلك صغيرة جداً ، فهذا الخلق يجب أن يورث الإنسان الشعور بالعبودية لله عز وجل ، فالإنسان كلما ازداد علماً كلما ازداد طاعة لله عز وجل وإكباراً لخالقه.
المتكبر جاهل : هذا الإنسان هذه بدايته ، حينما أصبح شاباً أو أصبح كهلاً ونال بعض الشهادات بدأ يناقش ويجادل ويخاصم ويدعي الفهم ويدعي العلم ويطرح نظريات ويقول مقولات ولا يؤمن إلا بما يرى ، ويتهم كل ما لم يره بأنه غيبيات ، فهذا الإنسان وهذه بدايته وهذا أصله وهذا ضعفه .
 
الذي لا نبصره ليس أقلّ عظمة من الذي نبصره : 
 
كيف أصبح الإنسان يافعاً أو راشداً أو كهلاً يخاصم ربه ويقول : أنا لا أؤمن إلا بما أرى ، أنا واقعي ، هذا الدين شيء خيالي ، شيء مغيّب ،  خصيم مبين ، ربنا عز وجل قال:
 
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) ﴾ .
 (سورة الحاقة : الآيات38-39)
الآن هناك كتب فيها صور بالمجهر الإلكتروني عن خلق الإنسان ، عن الكريات الحمراء ، عن شبكية العين ، عن الأذن ، عن الحواس ، المنظر لا يصدق لعظمته هذا كله لم نكن نبصره من قبل ، فربنا عز وجل حينما قال :
 
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) ﴾ .
 (سورة الحاقة : الآيات38-39)
معناه الذي لا نبصره ليس أقل عظمة من الذي نبصره ،هذه العين لها عتبة ، لكن هناك أشياء لا تراها العين الآن تراها المجاهر الإلكترونية التي تكبر الشيء 40-50 ألف مرة وبعض الصور أربعمئة ألف مرة تكبرها ، أي ترى الثقب في الجلد أو مسام الجلد وكأنه كهوف ، ترى الشعر وكأنه غابات ، ترى الكريات الحمراء وكأنها أقراص ، ترى شبكية العين وكأنها نبات كثيف جداً ينمو إلى جانب بعضه بعضاً ، فالشيء الذي نراه في هذه الصور لا يصدق فهذا معنى قوله :
 
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) ﴾ .
 (سورة الحاقة : الآيات38-39) 
  
خلق الله عز وجل الحواس لتتناسب مع حاجة الإنسان :
 
الله عز وجل قال :
 
﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) ﴾ .
 (سورة القمر : الآية49)
الحواس لها قدر تتناسب مع حاجاتك ، أما لو اشتدت الرؤية لرأيت كأس الماء الصافي يغلي بالكائنات الحية ، إذا الإنسان وجد قشة تعاف نفسه عن شرب كأس الماء ، فلو زاد الله عز وجل القدرة الإبصارية في الإنسان فرأى الكائنات الحية ، مشكلة  .
أي كما يقولون : أشد الناس تعقيماً في الصاد الموصد عليه بالميليمتر كذا جرثوم وكذا كائن حي بعد التعقيم ، فالعالم الذي لا نشاهده ليس أقل عظمة من العالم الذي نشاهده ، وعلى كل لا يلقى من المعلومات في المساجد إلا النذر اليسير ، الأشياء الواضحة الجلية ، أما دقة المعلومات ، إذا رجعتم إلى الأصول ترون العجب العجاب .
على كل بالشكل الظاهر : نقطة ماء أصبحت إنساناً سوياً له دماغ وله أعصاب ، أعصاب حس ، أعصاب حركة وله قلب وأربعة تجاويف ودسامات وشرايين وأوردة وله جهاز تنقية وله جهاز هضم وله جهاز عظمي وله جهاز عضلي وله غدد صماء ولا تزال هذه الغدد أسرارا يجهلها الإنسان .
  
 
إبداع الله عز وجل ظهر بالإنسان ومع ذلك فهو يدّعي ما ليس له :
 
مركز توازن السوائل لو اختل لاحتجت إلى أن تقبع بجانب صنبور الماء طوال الليل والنهار لاحتجت إلى إفراغ هذا السائل أي تعطلت حياتك ، مركز التوازن الحراري أحياناً يختل ، 40 درجة تصبح حرارته مستمرة إلى أن يموت ، في أجهزة بالإنسان ، مراكز ضبط تحار بها العقول ، مركز ضبط بلازما الدم ، إذا كلور الصوديوم ازداد في الدم فوق ثمانية بالألف لمات الإنسان ، إذا قلّ عن سبعة بالألف مات الإنسان ، جهاز الكليتين هو الذي يضبط هذه النسب ، لو تعطل جهاز ضبط النسب لمات الإنسان ، بالكبد في هرمون التجلط وهرمون التميع ، من إفراز هذين الهرمونين بشكل متوازن نرى الدم بهذه الميوعة الصحية ، فلو أن هرمون التجلط زادت نسبته لأصبح الدم وحلاً في الأوعية ولمات الإنسان ، ولو زاد هرمون التميع لسال دم الإنسان من جرح بسيط وانتهت حياته ، الصفائح الدموية ، الكريات البيضاء ، عوالم الجسم عوالم لا تنتهي .
فهذا المخلوق المعتنى به ، إبداع الله عز وجل ظهر بالإنسان وهذا الإنسان يخاصم ربه ، يدعي ما ليس له ، يدعي أنه فعال ، يدعي في أوروبا أنه إله هذا العصر.
 
﴿ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) ﴾ .
 
 الإنسان الكافر يتوهم أن الله لا يحيي الإنسان بعد موته :
 
رجل جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وفي يده عظمة بالية ، فربنا عز وجل أنزل في هذه الحادثة قرآناً قال :
 
﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ (78) ﴾ .
لو أنه تذكر خلقه لما ضرب هذا المثل ، متى ضرب هذا المثل ؟ عندما نسي خلقه ، والناس نيام إذا ماتوا انتبهوا ، فالإنسان قبل أن يأتي ملك الموت وقبل أن يندم ولات ساعة مندم ليذكر قبل أن لا ينفعه التذكر .
 
﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) ﴾ .
من ؟ هذا الإنسان الكافر توهم أن هذه العظمة ، أن هذه القطعة من العظم البالية التي تتفتت باليد ، من يحييها ؟ فجاء الجواب : من قبل الله عز وجل :
 
﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ (79)﴾ .
أنشأ الشيء ، صنعه لأول مرة ابتداء وإبداعاً .
 
 
خلق الإنسان خلق تام لم يطرأ عليه أي تعديل :
 
 الإنسان حينما خلق ، خلقه الله عز وجل ، هل طرأ عليه تعديل ؟ منذ أن خلق كان خلقه كمالاً مطلقاً ، الإنسان حينما يصنع الآلات يضيف ويحذف ويقوي هذه الناحية ويتدارك هذه الناحية في العام القادم ، ويختصر هذه الناحية ، ويضع خبرته لهذه الناحية ، ولا أدل على ذلك من أن كل آلة صنعها الإنسان يجري عليها تطويراً وتعديلاً إلى ما شاء الله .
الإنسان مادام تتنامى خبرته ويتنامى علمه وخبرته يُعدّل مصنوعاته ، لكن الله عز وجل علمه قديم وخبرته قديمة ، فخلق الإنسان خلق تام لم يطرأ عليه أي تعديل :
 
﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ (79)﴾ .
 
 خلق الله للإنسان معجز وبأحسن تقويم :
 
لا أدري ماذا أقول ؟ الإنسان إذا تحرك لولا جهاز التوازن لوقع على الأرض ، من صمم هذا الجهاز ، ثلاث قنوات نصف دائرية فيها سائل ، فيها أشعار ، فإذا مال الإنسان يميناً أو شمالاً فإن السائل ارتفع عند الميل ولامس الأشعار ، الإنسان شعر أن توازنه قد اختل يعطي أمراً للعضلات بالتقلص أو الانبساط حتى يستعيد توازنه ، من صمم هذا الجهاز ؟ الله جل جلاله ، الأصوات حينما يسمعها الإنسان يعرف جهتها ، وإذا عرف جهتها تكيف معها ، وهذا من دقة خلق الإنسان .
   
من آيات الله الدالة على عظمته :
 
1 ـ الأذن :
العين لها بحث طويل . الأذن لها بحث طويل . كيف يفرّق الإنسان بين الصوت والنغم ، هذه الذاكرة السمعية من صممها ، كيف الآن تعرف فلان على الهاتف ؟ يقول لك : عرفتني ؟ تجيبه : نعم فلان ،1000-2000 صوت بذاكرتك السمعية كلما سمعت صوتاً تذكرته وقلت هذا فلان .
2 ـ الشم :
في الذاكرة الشمية ، آلاف الروائح والطعوم تعرفها ، تقول : هذا الطعام فيه المادة الفلانية .
3 ـ الذاكرة :
هناك ذاكرة الأرقام وذاكرة الأسماء ، الذاكرة وحدها علم قائم بذاته .
4 ـ القشرة الدماغية :
القشرة الدماغية سمكها 2 ملم ، أربع عشرة مليار خلية فيها ألياف عصبية طولها ألف كم ، فيها من خمسين إلى مئة مركز تقوم بأدق الأعمال ، أعمال التفكر والتدبر والمحاكمة والاستقراء والاستنتاج والتصور والتخيل والتذكر ، أعلى ما في الإنسان هذه القشرة الدماغية فيها تلافيف متعرجة المساحة قليلة والسطوح كثيرة ، هذا الإنسان من صممه ؟ من صمم هذا الدماغ ؟.
5 ـ الدماغ :
الإنسان لو شاهد شيئاً مخيفاً ، هذه الصورة تنتقل إلى الشبكية وهو الإحساس ، حتى هذه الساعة كيف تصبح هذه الأحاسيس مدركات ، صورة انطبعت على الشبكية ، خطأسود طويل ، أفعى مثلاً ، الإنسان لماذا ينفعل ؟ لماذا يصيح ؟ لماذا يخاف ؟ كيف تحول هذا الإحساس إلى إدراك في الدماغ ؟ وإذا تمّ هذا الإدراك ما الذي حصل ؟ لماذا اصفر لونه ؟ ولماذا خفق قلبه ؟ ولماذا تسارعت أنفاسه ؟ ولماذا أفرز كبده المواد السكرية الاستثنائية ؟ من أعطاه هذا الأمر؟ إنسان رأى أفعى في بستان لماذا ينفعل ؟ لأنه انتقل من إحساس إلى إدراك . أدرك أنها أفعى ، ما الذي حدث ؟ أي الدماغ عن طريق مركز اتصال فيه نظام الأعصاب ونظام الهرمونات.
6 ـ الغدة النخامية :
الغدد لها نظام ولها جنود ولها تسلسل ولها ملكة إنها الغدة النخامية . والأعصاب لها نظام ولها مراكز ولها تسلسل ولها ملك إنه الدماغ . إذاً الغدة النخامية ملكة الجهاز الهرموني والدماغ ملك الجهاز العصبي ، لهذا الملك أدرك الخطر أرسل إلى الغدة النخامية أمراً عاماً أن هناك خطر ، عليك أن تتصرفي أيتها الملكة . الغدة  النخامية أرسلت أمراً هرمونياً ـ أمراً كيماوياً ـ إلى الكظر ، الكظر أعطى أربعة أوامر ، أمر إلى الأوعية بالتضييق ،  تجد  الخائف اصفر لونه لأن الخائف ليس بحاجة إلى تورد الوجنتين بل بحاجة إلى سلامته ، لذلك هذا الدم الذي يسهم في توريد الجلد يوفر للعضلات ، من أعطى هذا الأمر فوراً لكل الأوعية بالتضييق ، ضاقت الأوعية ، من أعطى الأمر للقلب ؟ القلب له مركز كهربائي ذاتي يضخ ثمانين ضخة بالدقيقة أما أن ترتفع هذه الضربات إلى مئة و ثمانين ضربة فهذا يحتاج إلى أمر خارج القلب ، من الدماغ ، الدماغ مركز الإدراك ، فالإنسان إذا خاف أسرع قلبه من أجل ماذا ؟ من أجل أن يسرع الدم في الأوعية ليصل إلى العضلات ، وازداد وجيب رئتيه ، لو فحصنا دمه لوجدنا فيه كمية كبيرة من السكر، هذا النظام من صممه؟
نظام الوقاية : من جعل بالعظام أعصاب حس ، فإذا أصيبت العظام بكسر ، الألم الشديد يسهم في أربعة أخماس العلاج ؟ الله جل جلاله .
7 ـ الطحال :
من جعل الطحال معملاً لكريات الدم الحمراء ؟ الإنسان وهو في بطن أمه قبل أن يتشكل عظمه تشكل نهائي يحتاج إلى دم ، من يصنع هذا الدم ؟ معمل دم مؤقت هو الطحال فإذا نما عظم الجنين ، وفي عظم الجنين نقي العظام وفي نقي العظام معامل كريات الدم الحمراء، فإذا نمت العظامتوقف الطحال عن صنع الكريات الحمراء وبدأ نقي العظام بتصنيع الكريات ، انقلب الطحال إلى معمل احتياط وإلى مقبرة لكريات الدم الحمراء ومعنى مقبرة ، تحللها إلى عواملها الأولى وترسل تارة إلى الكبد لتكون الصفراء وتارة إلى نقي العظام ، الحديد يذهب إلى هناك ليعاد تصنيعه ويبقى الطحال مخزناً للدم يصرف في حالات النزيف وارتفاع الحرارة وما شاكل ذلك ، هذا الطحال عالم قائم بذاته ، يمكن أن يكتب عنه أطروحة دكتوراه ، الطحال لوحده ! .
 8 ـ البنكرياس :
البنكرياس : الذي معه مرض سكر يعاني كثيراً ، البنكرياس يفرز مادة الأنسولين يجعل السكر يحترقفي الجسم بدرجة 37 درجة مع أن السكر يحتاج لمئة درجة ليحترق فيها، أما بالجسم فالسكر يحترق احتراقاً تاماً في درجة 37 درجة ، هذا الإنسان صنع من ؟﴿أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ﴾ أي معقول نطفة ، حوين لا يرى بالعين يرى بالمجهر فيه هذه البرمجة فيه هذه الأجهزة الدقيقة .
9ـ العصب البصري :
العصب البصري تسعمئة ألف ليف عصبي ، لكل عصب غمد من أجل نقاء الصورة .
ماذا أقول لكم عن الجمجمة ، الدماغ ، المفاصل ، العظام ، المعامل ، الأجهزة،  الحواس الخمس ، كل حاسة العلم حتى الآن ما وصل لشيء فيها ، وصل إلى لمسات .
 
كيف تفرق الأذن بين الضجيج وبين النغم ؟
 
 
لكن مثلاً الإنسان لو سمع شيئاً يسحق تحت باب يكاد يخرج من جلده هذا اسمه الضجيج ، فإذا سمع صوت شلال يطرب له ، هذا اسمه نغم . كيف تفرق الأذن بين الضجيج وبين النغم ؟ لا أحد يدري.
 
﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ (78) ﴾ .
لو أنه ذكر خلقه لما ضرب هذا المثل ، ولآمن بالله عز وجل . إذاً ماذا نستنبط نحن ؟ يجب أن نذكر كيف خلقنا ؟ نذكر أجهزتنا ، نذكر آيات الله الدالة على عظمته في خلقنا ربنا عز وجل يقول :
 
﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ (53)﴾ .
 (سورة فصلت : الآية53)
وفي آية ثانية :
 
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾ .
 (سورة الذرايات )
10ـ الرئتين  :
أقرب شيء إليك جسمك ، فالإنسان كلما تحرك ، السعال مثلاً ما هو السعال ؟ الآن العقبة الكبرى التي تقف أمام الأطباء في زرع الرئتين هي أن الرئة المزروعة صاحبها لا يسعل ، ما معنى السعال ؟ معناه أن هناك أهداب في الرغامى (في القصبة الهوائية) تتحرك نحو الأعلى تدفعكل شيء نحو الأعلى ، فإذا  دخل شيء للرئة غريب عن طبيعتها ، الإنسان يسعل لكي يخرج هذا القشع ، فإذا زرعت رئة ، توصيل أعصاب السعال فوق طاقة العلماء ، فالإنسان إذا لم يسعل يموت ، تصبح رئتيه كلها إنتانات إذا دخلت قطرة ماء ، قطرة ماء ، الإنسان يسعل حتى يخرج كل شيء إلى خارج الرئة ، وماء قليل في الرئة قد يميت الإنسان ، من جعل الأهداب المتحركة نحو الأعلى ؟ الله عز وجل .بالمناسبة الدخان النيكوتين بالدخان يشل هذه الأهداب ، كل إنسان يدخن ، أهداب الرئة تصاب بالشلل ، لها أثر سلبي على حركته.
11ـ لسان المزمار:
هذا لسان المزمار، شرطي مرور يشتغل ثمانين سنة بلا كلل وبلا ملل وأنت نائم يزداد اللعاب بفمك ، الدماغ يأخذ إشارة ، الدماغ يعطي أمراً وأنت نائم بتصغير الفتحة ، يفتح المري وتغلق  القصبة الهوائية ويمر اللعاب في المعدة ، صُنْعُ مَنْ هذا ؟ الله جل جلاله .
12ـ الجهاز العظمي :
وأنت نائم يزداد الضغط على جسمك ، الجهاز العظمي وما فوقه من عضلات له وزن ضاغط على ما تحته ، هذه العضلات إذا ضغطت ضاقت لمعة الأوعية الدموية ، قلت رجلي اخضرت ، ماذا  يعني الاخضرار والتنميل ؟ يعني التروية ضعفت ، صار هذه اللمعة انضغطت فقَلَّت حركة الدم في الأوعية ، فشعر الإنسان بهذا التنميل ، أي وأنت نائم في مراكز ضغط تشعر بالضغط تعلم الدماغ ، الدماغ يعطي أمراً للعضلات وأنت نائم بالتقليب ، الله قال :
 
﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ (18)﴾ .
(سورة الكهف : الآية18)
وهذه من آيات الله ، لولا تقلب الإنسان في النوم لتسلّخ جلده ، لذلك الذي معه سبات دائم أول علاج له التقليب ، وإلا هذه الأوعية التي ضاقت لمعتها يقل الدم فيها فتصاب النسج اللحمية بالموات وتموت هذه النسج ، الإنسان كلما فكر بجسمه يشعر بضعفه وافتقاره إلى الله عز وجل ، وعظم فضل الله عليه ، فيأخذ حجمه الطبيعي .
 
خالق الكون لا حدود لعلمه : 
 
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) ﴾ .
ألا تشعر أن خالق الكون علمه مطلق ؟
 
﴿ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) ﴾ .
 
 
البعوضة أصغر كائن من آيات الله الدالة على عظمته :
  
هل الإنسان فقط دقيق ؟ أي مخلوق ، البعوضة لها ثلاثة قلوب ، البعوضة لها جهاز رادار، لها جهاز تخدير و جهاز تمييع ، والبعوضة ترف أجنحتها أربعة آلاف رفة إلى مستوى الطنين وأرجلها لها مخالب ولها محاجم ، أي خلقها تام كامل ، البعوضة لها جهاز تخدير حينما تمتص دم الإنسان ، لا يشعر إلا بعد أن تطير والبعوضة معها جهاز تحليل ، أخوان ينامان على فراش واحد هناك دم تحبه ودم لا تحبه وتتجه في الليل إلى جبين أحدهما بجهاز الرادار وتحلل الدم وتميعه وتخدر الملدوغ ثم تطير :
 
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا (26)  ﴾ .
 (سورة البقرة : الآية26)
 
 
لا ترى في خلق الله من تفاوت في خلق الذابابة :
 
الحشرات ، الذبابة ! يقولون : لا يوجد طائرة ترقى إلى مستواها في المناورة في الهواء ، يمكن للذبابة أن تحط على السقف ، سقوط نحو الأعلى ، تناور بزوايا حادة ، تكون ماشية بأعلى سرعة فوراً تأخذ زاوية حادة بجهة معاكسة ، لو درسنا حركة الذبابة بالفضاء شيء لا يصدق !
 
صنعة الله المتقنة في خلق العنكبوت :
 
العنكبوت يخرج منها سائل خيط ، هذا الخيط لو سحب الفولاذ بقطر هذا الخيط لكان أضعف من خيط العنكبوت والفولاذ أمتن معدن يتحمل قوى الشد ، بيت العنكبوت آية من آيات الله ، عندها سائل لزج خيط لزج وخيط متين ، فبيتها مصنوع من خيوط متينة مثل الأساسات وخيوط لزجة من أجل صيد الحشرات ، والقرآن يذكر أن التي تنسج البيت هي أنثى:
 
﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتًا (41)﴾ .
(سورة العنكبوت : الآية41)
والعلم الحديث أثبت ذلك أن العنكبوتة النساجة هي الأنثى وليس الذكر . ليس الإنسان فقط كامل الخلق ما من مخلوق إلا وكامل .
 
الحوت خلق الله التام :
 
الحيتان في البحار،الحوت وزنه 150 طن فيه زيت 90 برميلاً ، يقول لك :  زيت كبد الحوت 90 برميل ، اللحم 50 طناً ، الدهن 50 طناً ، وجبة طعامه 4 طن وسط ، إذا أراد أن يعمل ريجيم أي 4 طن ، رضعته الواحدة 300 كغ ، ثلاث رضعات 1000 كغ باليوم يرضع الحوت ، البعوضة بهذا الصغر والحوت بهذا الكبر كله خلق تام ، هذا يعني قول الله عز وجل :
 
﴿ مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ (3) ﴾ .
(سورة الملك : الآية3)
 
الله عز وجل إتقانه متقن بينما عجز الإنسان في إتقان صناعته :
 
لا تفاوت في إتقان الصنعة ، البعوضة متقنة ، والذبابة متقنة ، والحوت متقن ، والحصان متقن ، والصقر عنده قوة إبصار ثمانية أمثال الإنسان ، هذا الصقر ، وبعض الكلاب عندها قوة شم تزيد عن حاسة الإنسان بمليون ضعف ، يكفي أن تعطي هذا الكلب شيئاً من أدوات القاتل حتى يصل إليه من الرائحة فقط ، لا يزال العلم في بداياته ، أجمل كلمة قرأتها لعالم قال : " لم تبتل بعد أقدامنا ببحر المعرفة "، لازلنا في البدايات .
عالم الحيوان ، عالم الأسماك ، عالم الأطيار، قرأت في مجلة عن الطيران مقدمة قال : إن أرقى طائرة صنعت حتى الآن لا ترقى إلى مستوى الطائر ، حتى في الأسماك الغواصات كلها تحاول تقليد السمك .
 
﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) ﴾ .
ليس فقط  في الإنسان ، الإنسان يتقن شيئاً و يهمل أشياء كثيرة هي من عادته ، يقول لك : هذه اعتنيت فيها ، يتقن شيئاً ويهمل أشياء ، لكن ربنا عز وجل إتقانه  مطلق .
 
الإعجاز في خلق النبات : 
 
﴿ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80)  ﴾ .
قرأت أنه في الحياة العربية في الجاهلية كان هناك نباتان خضراوان رطبان إذا احتكا ببعضهما أورث ناراً ، فهذه الآية تُفسر بادئ ذي بدء على أبسط تفسير ، أن الله عز وجل جعل في الجزيرة نباتين خضراوين رطبين إذا احتكا ببعضهما أشعلا النار فكان العرب يستخدمون هذين النباتين في إشعال النار ، لكن هذا المعنى يتناسب مع الذين عاصروا هذا النبات ، لكن كلما تقدم العلم ألقى ضوءاً كاشفاً على بعض الآيات :
 
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا (80) ﴾ .
 
صنعة الله المتقنة في النبات :
 
يوجد عملية تتم بالنبات الأخضر هي من أعجب العجائب ، هذا النبات الأخضر فيه مادة اسمها اليخضور هي سرّ لونه الأخضر ، إذا جاءها ضوء ولاسيما أشعة الشمس تحولت هذا المادة إلى مفاعل حراري من أضخم المفاعلات ومعنى مفاعل حراري أي يشطر الماء شطرين .
ما الماء ؟ الماء مادة مشتعلة جداً هي الأوكسجين ، ومادة معينة على الاشتعال وهي الهيدروجين ، أي الماء نار ، مادة مشتعلة ومادة معينة على الاشتعال ، فشطر الماء يحتاج إلى طاقة بخارية تعادل تسخين الماء 2500 درجة ، هذه الطاقة البخارية بإمكانها أن تشطر جزيء ماء.
اليخضور حينما تصيبه أشعة الشمس يصبح مفاعلاً حرارياً يشطر الماء الذي في الورقة إلى أوكسجين وإلى هيدروجين ، النبات يمتص منالهواء غاز الفحم ثاني أكسيد الكربون يمتصه ، يتفاعل غاز الفحم مع الهيدروجين ومع 18 معدن المذابة في الماء الذي يمتصه النبات من التربة فيشكل ما يسمى النسغ النازل ( الكامل ) ( النسغ الصاعد ماء ومعادن) يقول لك هذه التربة بحاجة إلى حديد ، منغنيز ، فوسفات هي كلها أسمدة ، المعادن أسمدة ، فالنبات يمتص الماء مع المعادن ، اليخضور يشطر ماء الورقة إلى هيدروجين و أوكسجين ، الهيدروجين يتفاعل مع غاز الفحم الممتص من الهواء ومع المعادن ويشكل النسغ النازل ( الكامل ) وهذا يشكل كل أغذية الإنسان بدءاً من القمح والشعير والحمص والحبوب إلى الخضراوات إلى الفواكه إلى الأزهار ، هذا هو  النبات ! فالنبات يطرح الأوكسجين ، الجلوس تحت النبات منعش ، أعظم النباتات طرحاً للأوكسجين هو الصنوبر ، إذا الإنسان معه ضيق صدر وجلس بغابة صنوبر يحس براحة كبيرة كما لو وضعت على فمه كمامة أوكسجين ، فالنبات يطلق الأوكسجين ويمتص غاز الفحم بعكس الإنسان ، الإنسان يستنشق الأوكسجين و يطرح غاز الفحم من أجل التوازن .
 
الورقة في النبات هي أعظم معمل صنعه الله عز وجل :
 
هذا النبات يقوم بعملية ، والله أنا هكذا أعتقد ، أن أعظم معمل صنعه الإنسان، وهكذا قرأت ، لا يرقى إلى مستوى الورقة الخضراء.....اليخضور ما هذا السر الذي أصابه! بالضوء صار مفاعلاً حرارياً شطر الماء في الورقة إلى أوكسجين وإلى هيدروجين خرج الأوكسجين وحقق التوازن في الجو ، نحن نأخذ الأوكسجين ونطرح غاز الفحم ، النبات عكسنا يأخذ غاز الفحم ويطرح الأوكسجين . صار في توازن وغاز الفحم مع الهيدروجين مع الـ 18 معدن المذابة في الماء تسهم في صناعة كل الغذاء للبشر : الخضراوات بأنواعها ، الفواكه بأنواعها ، حتى هذا النسغ النازل يصنع الجذر ويصنع الساق والأوراق والأزهار والثمار ، فأنا لا أعرف أنه يوجد سائل يصنعه الإنسان ثم يحقنه يصير حديداً مرة ، ومرة خشباً ، ومرة إسفنجاً ، ومرة بلاستيكاً ، من غير المعقول سائل واحد تحقِنُهُ يصبح كل مرة مادة مستقلة عن الأخرى ، هذا النسغ النازل يسهم في صناعة الجذور ، والجذع ، والأغصان ، والأوراق ، والأزهار ، والثمار في كل نبات ، فربنا عز وجل في هذه الآية أشار إلى اليخضور .
 
 
أحدث نظرية للبترول :
 
           قال تعالى :
 
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) ﴾ .
بعضهم قال إن هذه الطاقة التي أودعها الله في الأرض ، النفط أساسه غابات عملاقة تشكلت في العصور المطيرة ، أحدث نظرية للبترول غابات عملاقة تشكلت في عصور مطيرة ودفنت تحت الأرض وحللت فكانت البترول ، النبات أساسه اليخضور أي كلمة الشجر الأخضر لولا هذه الورقة الخضراء لما كان هذا النبات ، تجد نبتة صغيرة زرعتها أنت ، أحياناً بذرة خيار بعد أربعين يوماً تجدها طولها أصبح مترين ونصف وثخن جذعها حوالي 3 سم ومجموع خضري كبير جداً ، من أين جاء كل هذا ؟ من الأوراق ، الأوراق معمل يصنع الجذع ويصنع الساق ويصنع الأوراق ويصنع الثمار ، فربنا عز وجل أشار بهذه الآية إلى هذه المادة العجيبة التي لولاها لما كان النبات على وجه الأرض إطلاقاً .
 
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) ﴾ .
القرآن الكريم حمال أوجه محتملة ، نفهم الآية على أساس أن هذه الآية إشارة إلى هذا البترول الذي صنع عن طريق الأوراق الخضراء ، وقد قيل إن كل شيء يحترق هو تخزين للطاقة الشمسية في الأساس ، فاليخضور لولا هذه الطاقة الشمسية لما شطر الماء فكأن هذا الخشب فيه جزء من الطاقة الشمسية :
 
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) ﴾ .
الشجر نفسه كان أخضر، كان أساسه الماء ثم أصبح يابساً فجعلته وقوداً ، أو أن هذا الشجر أصبح بترولاً خاماً .
 
﴿ فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) ﴾ .
أو أن هذا الشجر لولا هذا اليخضور لما كان ، أو أن هذين النباتين الخضراوين الرطبين إذا احتكا ببعضهما أورثا ناراً ، هذا المعنى الأول الذي كتبه المفسرون .
 
قدرة الله عز وجل في إعادة الخلق مرة ثانية : 
 
﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ (81)﴾ .
يوم القيامة ، أي البدء أهون أم الإعادة ؟ الإعادة أهون فالإنسان حينما ينكر البعث ينكر يوم القيامة ، على أي شيء يعتمد ؟ الذي خلق هذا الكون بسماواته وأرضه يا ترى أليس قادراً على أن يعيد خلقه مرة ثانية ؟ ربنا قال :
 
﴿ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)﴾ .
خلاق صيغة مبالغة أي كثير الخلق عدداً وكثير الخلق نوعاً و كثيره كمَّاً.
 
﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) ﴾ .
الإنسان حياته مبنية على أن الإنسان فقير وضعيف يقوى بأشياء خارجة عنه ، الإنسان يتصل الآن ببلد بعيد بالهاتف فهو ضعيف صوته لا يصل إلى هذا البلد لكن يكمن ضعفه بشيء خارج عنه هكذا طبيعة الإنسان .
الإنسان أحياناً يكسر شيئاً في آلة ، يقطع شيئاً بسكين لأنه ضعيف يكمن ضعفه بشيء خارج عنه ، لكن الإله العظيم شأنه غير هذا الشأن يكفي إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون وانتهى الأمر .
 
إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة وحكمته متعلقة بالخير المطلق :
 
لذلك إذا أراد الله شيئاً وقع ، كل ما أراده الله وقع وكل ما وقع أراده الله ، عكس بعضهم أو يكملوا بعضهم ، كل شيء أراده الله وقع وكل شيء وقع أراده الله ، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة وحكمته متعلقة بالخير المطلق لذلك ورد بالحديث القدسي :
(( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ
 
 
 إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ
 
 وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ )) .
[ مسلم عن أبي ذر الغفاري ]
(( يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ فَسَلُونِي الْهُدَى أَهْدِكُمْ وَكُلُّكُمْ فَقِيرٌ إِلامَنْ أَغْنَيْتُ ، ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُ عَطَائِي كَلامٌ وَعَذَابِي كَلامٌ إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ
 
 إِذَا أَرَدْتُهُ أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )).
[ مسلم عن أبي ذر الغفاري ]
﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) ﴾ .
  
أوجه التفاسير لكلمة ملكوت :
 
الملك التام خلقاً وتصرفاً ومصيراً :
أوجه التفاسير لكلمة ملكوت هي الملك التام أوضح لكم ذلك : أنت في الدنيا قد تملك بيتاً ولا تنتفع به ، باسمك البيت معك ورقة طابو لكن مؤجره وأجرته رمزية والمستأجر يحميه القانون يحميه هو وأهله من بعده ، فهذا ملك ناقص لأنك لا تنتفع منه ، وقد تنتفع ببيت ولا تملكه ، في قلق مستمر إذا تعدل قانون الإيجار تصبح بالطريق ، وقد تملك رقبة البيت وتنتفع به لكن معرض لقانون الاستملاك ، يظهر أمامك شارع يستملكونه منك ، ما هو الملك التام ؟ هو أن تملك الشيء رقبة ومنفعة ومصيراً ، فإذا قلنا الله عز وجل ملك أو بيده ملكوت كل شيء أي ملك الله عز وجل للكون ملك تام خلقاً وتصرفاً ومصيراً :
 
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ (26)  ﴾ .
 (سورة أل عمران : الآية26)
الإنسان ليس له شيء ، عينه فجأة يتعطل مركز الرؤية بالدماغ لم يعد باستطاعته أن يرى ، من منا يملك عينه ؟ سمعه ؟ من يملك عقله ؟ يكون بأعلى درجة من الوقار والهيبة يختل شيئاً بعقله يصير محله بمستشفى الأمراض العقلية أهله خافوا منه ابتعدوا عنه .
   
الإنسان لا يملك شيئاً كل شيء بيد الخالق سبحانه :
 
الإنسان لا يملك شيئاً ،  من يملك قلبه ؟ من يملك انتظام نمو الخلايا ؟ يكون شخص بأعلى درجات الصحة ، فجأة اختل نمو الخلايا بجسمه يقول لك : والله لم يطول ، من يملك كبده ألا يتوقف عن العمل ؟  من يملك كليتين لا يتوقفوا عن العمل ؟  من منا يملك طحاله ؟ لا يوجد عضو من أعضاء الإنسان إلا يسبب وفاته لو تعطل ، فالإنسان لا يملك  شيئاً :
 
﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ (83) ﴾ .
قال بعض المفسرين:"الملك ملك الأجسام والملكوت ملك الأرواح لكن أوجه التفاسير أن الملكوت هو الملك التام " أي أعلى درجات الملك هي ملك الله لخلقه خلقاً وتصرفاً ومصيراً .
 والحمد لله رب العالمين
 

 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب