سورة الفرقان 025 - الدرس (07): تفسير الأيات (021 – 031)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ..."> سورة الفرقان 025 - الدرس (07): تفسير الأيات (021 – 031)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ...">


          مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج مع الحدث: مع الحدث - 46- حلقة خاصة في يوم الاسير الفلسطيني- محمود مطر -17 - 04 - 2024           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم - بيت المقدس أرض الأنبياء - د. رائد فتحي           برنامج خطبة الجمعة: خطبة الجمعة - وجوب العمل على فك الأسرى - د. جمال خطاب           برنامج موعظة ورباط: موعظة ورباط - 10 - ولئن متم أو قتلتم - الشيخ ادهم العاسمي           برنامج خواطر إيمانية: خواطر إيمانية -436- واجبنا تجاه الأسرى - الشيخ أمجد الأشقر           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 391 - سورة المائدة 008 - 010         

الشيخ/

New Page 1

     سورة الفرقان

New Page 1

تفسـير القرآن الكريم ـ سـورة الفرقان- (الآيات: 021 - 031)

07/09/2011 15:52:00

سورة الفرقان (025)
الدرس (7)
تفسير الآيات: (21 ـ 31 )
 
لفضيلة الدكتور
محمد راتب النابلسي
 

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة المؤمنون ، مع الدرس السابع من سورة الفُرقان .
 
الفرق بين المؤمن وغير المؤمن :   
 
وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى :
      
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)
(سورة الفرقان)
الحقيقة إذا كان هناك من فرقٍ أساسي بين المؤمن وبين غير المؤمن هو أن المؤمن يرجو الله واليوم الآخر ، وأن الكافر لا يرجو الله ولا يرجو اليوم الآخر ، ما معنى لا يرجو ؟ أي لا يخاف ، ما معنى لا يرجو ؟ أي لا يأمُل ولا يخاف ولا يطمع ولا يريد ، أيْ أنَّ الآخرةَ كلَّها خارج الحساب ، الدنيا أكبر همِّه ومبلغ علمه :
 
﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا(7)﴾
( سورة الروم )
الدين له حقيقة وله شكل ، شكله أن تصلِّي ، شكله أن تصوم ، ولكن حقيقة الدين أن تنتقل اهتماماتك من الدنيا إلى الآخرة ، أن تنتقل آمالك من الدنيا إلى الآخرة ، أن تنتقل مخاوفك من الدنيا إلى الآخرة ، فالمؤمن يطمع أن يكون في مقعد صدقٍ عند مَليكٍ مقتدر ، وربَّما لا يطمع في الدنيا ، يكفيه من الدنيا القليل ، يكفيه من الدنيا ما أوصله إلى هدفه ، المال عنده وسيلة ، المؤمن يريد من الدنيا ما يُعينه على التقرُّب إلى الله عزَّ وجل ، يجعل من المال وسيلةً للتقرُّب إلى الله عزَّ وجل ، إذا كان قوياً فيجعل قوَّته في سبيل مرضاة الله عزَّ وجل ، إذاً المؤمن يأخذ من الدنيا بقدر ما يعينه على طاعة الله عزَّ وجل ، بقدر ما يعينه على التقرُّب منه ، لذلك فالدنيا عند المؤمن في يديه لا في قلبه ، وهي وسيلة وليست غاية ، لكنّ رجاءه فيما عند الله ، لكنَّ رجاءه في مرضاة الله ، في القرب من الله ، رجاءه في الجنَّة وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل ، يحبُّ الله ، ويحب مَن يحبّه ، ويحبُّ كل عملٍ يقرِّبه إلى حبِّه ، هذا هو الفرق بين المؤمن وغير المؤمن .
 
الرجاء متعلِّق بالمعرفة فكلَّما عرفت الله رجوته :  
 
ربنا عزَّ وجل قال :
 
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا (21)
(سورة الفرقان)
لا يعلِّق أهميّةً على هذا اللقاء ، لا يفكِّرُ فيه ، لا يخاف ذلك الموقف العصيب ، لا يرجو أن يكون عند الله رَضِيَّاً :
 
﴿ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا (21)
(سورة الفرقان)
لماذا لا يرجون ؟ أَهُم من بنيةٍ خاصَّة ؟ أهم من جِبِلَّةٍ خاصَّة ؟ لا والله جبلَّة البشر واحدة ، ما الذي جعلنا نرجو وجعل الكفَّار لا يرجون ؟ هو العلم ، عَلِمَ أن ما عند الله شيءٌ ثمين ، وأن عذابه عظيم ، وأن القُرب منه سعادة لذلك رجا ما عنده ، فهذا الرجاء ليس اعتباطيًّا ، وليس الرجاء غير منضبطٍ بقاعدة ، الرجاء منضبطٌ بالمعرفة ؛ فإذا عرفت ما عند الله رجوته ، وإذا جهلت ما عنده فلا ترجوه .
أنت في حياتك اليوميَّة ترجو أناساً ولا ترجو آخرين ، هؤلاء الذين ترجوهم تعرف حجمهم الحقيقي ، وتعرف مقدار تأثيرهم في حياتك إذاً ترجوهم ، لكنَّ أُناساً في نظرك تافهين لا يقدِّمون ولا يؤخِّرون ، أو تجهل قيمتهم ، أو تجهل حجمهم لا ترجوهم ، فالرجاء متعلِّق بالمعرفة ، فكلَّما عرفته رجوته ، كلَّما عرفته خِفْتَ منه ، كلَّما عرفته طَمِعْتَ فيما عنده، كلَّما عرفته سعيت إليه .
 
من إكرام الله سبحانه وتعالى أنه جعل لنا أبواباً واسعة للخير :
           
ربنا عزَّ وجل جعل الرجاء في القرآن مرتبطاً أشدَّ الارتباط بالعمل ، قال :
 
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا(110)﴾
( سورة الكهف )
باب الله مفتوح على مصاريعه لكلِّ الخلق ، فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ، وهذه تجربة توضَع بين يديك ، اعمل عملاً خالصاً لوجه الله لا تبتغي به سمعةً ، ولا ثناءً ، ولا مديحاً ، لا تبتغي به أن يُشار إليك بالبنان ، اعمل عملاً صالحاً لا تبتغي به إلا وجه الله عزَّ وجل ، وانظر كيف أن الله يتجلَّى عليك ، وانظر كيف تقول : أنا أسعد الناس ، هذا شيءٌ ملموس :
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا(110)﴾
( سورة الكهف )
وما أكثر الأبواب المُفَتَّحة للأعمال الصالحة ، ما أكثر الأعمال الصالحة ؛ تبسُّمك في وجه أخيك صدقة ، أن تميط الأذى عن الطريق هو لك صدقة ، أن تحسن إلى والديك هو لك صدقة ، أن تضع اللقمة  في فم زوجتك هو لك صدقة ، أن تُقَدِّم خبرتك ، وقتك ، علمك ، مالك ، هو لك صدقة ، فأبواب الخير مفتَّحةٌ على مصاريعها ، والله سبحانه وتعالى من إكرامه لنا أنه جعل لنا أبواباً واسعة للخير .
جعل فيك الإحساس بالجوع ، أنت بهذا الإحساس تأكل فتشكر ، وتُطْعِم فترقى ، إذا أطعمت الجائع فقد ارتقيت إلى الله عزَّ وجل ، جعل الإنسان يولد عارياً ، فإذا ألبست إنساناً ثياباً فقد تقرَّبت إلى الله عزَّ وجل ، فالذي يؤثِّر في النفس أنّ هذا الذي لا يرجو الله لماذا لا يرجوه ؟ لأنه جهله .
 
إذا لم تعرف الله بالقواعد المعجزة فلن تعرفه بخرق القواعد :  
 
 إذاً ما هو أعدى أعداء الإنسان ؟ إنه الجهل ، أعدى أعداء الإنسان أن يجهل الإنسان ربَّه ، وقديماً قالوا : الجاهل عدوُّ نفسه :
 
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا (21)
(سورة الفرقان)
هؤلاء استكبروا ، يريدون أن تأتيهم الملائكة لتقول لهم : هذا رسول الله ، مع أن الملائكة لا يستطيع الإنسان أن يراها إلا عند الموت ، تُرحِّب به ؛ أو تدفعه إلى مقامه في النار ، المَلَك لا يُرى إلا عند الموت ، لأن الإنسان إذا جاءه الموت تأتيه الملائكة بصُوَرِ أحبِّ الناس إليه ؛ بإخوانه ، بأحبائه ، بأقربائه ، بأصدقائه ، بمن هو عزيزٌ عليه ، يأتي مَلَك الموت في صورة إنسانٍ عزيز عليك يبشِّرك بالجنَّة ، عندئذٍ يقول المؤمن : لم أرَ سوءًا قط ، لأنه يرى النتيجة فينسى كل متاعب الحياة ، وقد تأتي الملائكة على شكل زبانية يسوقون الإنسان إلى القبر وكأنَّه حفرةٌ من حفر النيران ، فالملائكة لا نراهم في الدنيا ، ولن نراهم إلا عند الغرغرة سـاعة الاحتضار ، هؤلاء الذين لا يرجون لقاءنا يقولون :
 
﴿ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ (21)
(سورة الفرقان)
الملائكة لو أُنْزِلَت وقالت : هذا رسول الله ، أتكتفي بهذه المعجزة ؟ القرآن معجزة ، عندما خرجت الناقة من الجبل فهل اكتفى بها قوم صالح ؟ هل آمنوا بعد رؤيتها ؟ لم يؤمنوا بها ، لمَّا أصبح البحر طريقاً يبساً ، هل اكتفى به بنو إسرائيل ؟ لمَّا رأوا عجلاً جسداً له خوار قالوا : هذا إلهنا ، وقوم إبراهيم لما رأوا النار أصبحت برداً وسلاماً ، هل آمنوا ؟ ما آمنوا ، فإذا أنت لم تؤمن بالمعجزة الأساسيّة وهي الكون في وضعه الراهن لن تؤمن بخرق قوانينه ، هذا الكون هو نفسه معجزة ، فإذا لم تفكِّر فيه ، ولم تنتقل من الكون إلى المكوَّنِ ، ومن النظام إلى المنظَّم ، ومن الصنعة إلى الصانع ، ومن الخلق إلى الخالق ، ومن التسيير إلى المُسَيِّر ، إذا لم تنتقل بما هو قائمٌ بالشكل الطبيعي فلن تعرف الله بخرق القواعد ، إذا لم تعرفه بالقواعد المعجزة فلن تعرفه بخرق القواعد ، وهذه حقيقةٌ ثابتة .
 
القرآن بنظمه وبيانه ، بإعجازه وأحكامه معجزة ، فآمن به من دون خرقٍ للعادات :   
 
أنت لا تطلب من الله خرق العوائد ، لا تتعرَّف إلى الناس بأن تقول : يا أخي هذا وليّ ، كيف عرفت أنه وليّ ؟ رأيته يمشي على وجه الماء ، لا ، بل استمع إلى كلامه ، إذا كان كلامه صحيحاً مأخوذاً عن كتاب الله ، فهو إذاً معه دليل وهذه أكبر كرامة ، كرامة العلم أعظم كرامة ، لا تبنِ حياتك على خرق القوانين ، مُعظم العوام ، معظم ضعاف العقول لا ينقادون إلا بخرق القواعد ، لا يعتقدون بالأشخاص إلا إذا خُرِقَت لهم العادات ، لكنَّ هذا القرآن بنظمه وبيانه ، بإعجازه وأحكامه ، بحلاله وحرامه ، بصياغته ، بأخباره هو نفسه معجزة ، فآمن به من دون خرقٍ للعادات :
 
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ (21)
(سورة الفرقان)
لولا ، هذه حرف تحضيض أو حرف امتناعٍ لوجود :
 
﴿ أَوْ نَرَى رَبَّنَا (21)
(سورة الفرقان)
ربنا عزَّ وجل لا يمكن أن نراه :
 
﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا (143)﴾
( سورة الأعراف )
ربنا عزَّ وجل تجلَّى على الجبل فجعله دكَّاً ، فمن أنت حتى تستطيع أن ترى الله عزَّ وجل ؟ في الدنيا لا نستطيع أن نرى الله .
 
رؤية المؤمن لله عز وجل يوم القيامة بنص الأحاديث الصحيحة :
 
الأحاديث الصحيحة تؤكِّد أن المؤمن يوم القيامة يرى الله ، ويرى الله رؤيةً كما تروي بعض الأحاديث تجعله يغيب خمسين ألف عام من نشوة النظرة :
 
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ(23)﴾
( سورة القيامة )
هذا الذي نرجوه ، أن نستطيع أن نرى وجه الله ، فهؤلاء الكفَّار يريدون أن يروا الملائكة ليخبروهم أن هذا الرجل رسول الله ، أو أن يروا الله سبحانه وتعالى رأي العَيْن فيقول لهم : هذا رسولي :
﴿ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا (21)
(سورة الفرقان)
 
الكِبْرَ يتناقض مع العبوديَّة :   
 
هذه مطالب تعجيزيَّة ، هذه مطالب القصد منها الاستكبار ، والامتناع ، والعلو :
 
﴿ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ (21)
(سورة الفرقان)
النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
((لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ)) .
 [ صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود ] 
لماذا ؟ لأنَّ الكِبْرَ يتناقض مع العبوديَّة :
((لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ)) .
لذلك تَمتحن الإنسان وتعرف ما إذا كان قريباً من الله أو كان بعيداً عنه تعرف ذلك من حيث الكِبْر ، فهو إما أن يتطاول كبراً فهو الجاهل ، وإما أن يتطامَنْ فهو العالِم ، الإمام الشافعي يقول :
" كلَّما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي " .
قال تعالى :
﴿ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ (21)
(سورة الفرقان)
 
الكفار استكبروا وتجاوزوا الحدّ المعقول وأصروا على كفرهم :
        
المؤمن يرى نفسه صغيراً ويراه الناس كبيراً ، الكافر يرى نفسه كبيراً ويراه الناس صغيراً ، والدعاء النبوي الشريف :
((اللهم اجعلني في عيني صغيراً وفي أعين الناس كبيراً)) .
[رواه البزار عن بريدة بن الحصيب]
هذا هو الدعاء النبوي الشريف :
 
﴿ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)
(سورة الفرقان)
عتوا أيْ اسـتكبروا ، وتجاوزوا الحدَّ المعقول ، وأصرَّوا على كفرهم :
 
﴿ عُتُوًّا كَبِيرًا (21)
(سورة الفرقان)
على من تستكبر ؟ على الذي خلقك من ترابٍ ثمَّ من نطفةٍ ثم سوَّاك رجلاً ؟ على من بيده كل أجهزتك ؟ لو أنه عطَّل أحد الأجهزة لأصبحت الحياة جحيماً ، على من تستكبر ؟ على من لو أنه جَمَّد في عروق دماغك نقطةً من دم لأصبح الإنسان مجنوناً ، أو لأصبح مشلولاً ، أو لأصبح أعمى ، على مَن تستكبر ؟ فأنت إذا استيقظت يوماً ما معافى في جسمك أيْ أنَّ آلاف الأجهزة تعمل بانتظام ، ولو أنّ أحدها اختلَّ اختلالاً طفيفاً لانقلبت الحياة إلى جحيم ، على من تستكبر ؟ هل تملك سـمعك ؟ هل تملك بصرك ؟ هل تملك عقلك ؟ هل تملك أوردتك ، أوْعِيتك ، أعصابك ، عضلاتك ، قوَّتك ، هل تملك محاكمتك ؟ هل تملك توازنك ؟
 
لابدَّ للمتكبر أن يصيبهُ الله سبحانه وتعالى بمشكلةٍ تكشفُ ضعفه وزَيْفَهُ :   
 
جهاز صغير جداً في الأذن الوسطى ـ جهاز التوازن ـ لو أنه التهب لا تستطيع أن تسير على قدميك ، يختل التوازن ، سمعتُ أن إنساناً كان مولعاً بالسيْر في الطرُقات العامَّة المزدحمة بالنساء ليمتِّع نظره بمرأى الحسناوات ، أصيب بمرضٍ اسمه ارتخاءٌ في الجفون ، هذا الشيء قد لا يخطر على بال ، هذا الجفن وهو مرتفع هذا بيدك أمره ؟ لو أن الله عزَّ وجل جعله يرتخي ويغلق العين ، ولا تستطيع أن ترى إلا إذا رفعت جفنك بيديك فماذا تملك ؟  حركة المستقيم التي بها تفرغ ما في أمعائك بيدِ من ؟ لو أنها تعطَّلت لصرت في حالٍ لا يحتمل ، تصبح الحياة عبئاً لا يُطاق ، لو أن العضلات القابضة للمثانة انحلَّت ، مَن يحتملك في البيت ؟ مَن يخدمك ؟ كيف تقعُدُ بين الناس ؟ عندئذٍ يحتاج الإنسان إلى فُوَط ، على من تستكبر ؟ على الذي خلقك من ترابٍ ثمَّ من نطفةٍ ؟ خرجت من عورةٍ ودخلت في عورةٍ ثم خرجت مـن عورة ، من ماءٍ مهين ، تستحي بهذا الماء ، على من تستكبر ؟ لذلك : طوبى لمن تواضعَ عن رفعةٍ ، وأنفق عن غُنيةٍ " .
نِعْمَ العبدُ عبدٌ عرف المبتدى والمنتهى :
 
﴿ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)
(سورة الفرقان)
والمتكبِّر لابدَّ أن يظهر على حقيقته ، ولابدَّ أن يصيبهُ الله سبحانه وتعالى بمشكلةٍ تكشفُ ضعفه ، وتكشف زَيْفَهُ .
 
﴿ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ (22)
 (سورة الفرقان)
 
الملائكة تُرى عند الموت لتبشِّر المؤمنين بالجنِّة أو لتنذر المجرمين بالعذاب :
 
طبعاً إنَّ الكفَّار يرون الملائكة ولكن عند الموت ، هؤلاء الملائكة لا يبشِّرون الكافرين بل ينذرونهم عذاب يومٍ أليم :
﴿ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22)
(سورة الفرقان)
أيْ يحجزونهم عن أن يتطلَّعوا إلى الجنَّة وما فيها ، أنتم هنا مكانكم ، الملائكة تُرى عند الموت ، ولكن لتبشِّر المؤمنين بجنِّةٍ عرضها السماوات والأرض ، أو لتنذر المجرمين عذاب يومٍ أليم ، وتسوقهم إلى البرزخ ، وما فيه من عذابٍ أليم .
سبحان الله هذه الآية :
 
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)
(سورة الفرقان)
هناك أعمال ضخمة بالحياة ، يُقال لك : هذا أطول جسـر في العالَم ، وهذا إنجاز حضاري كبير ، هذه أعلى بناية في العالَم ، هذه أكبر مركبة في العالَم ، هذه أكبر ناقلة نفط في العالَم ، هناك أبنية مشادة تعد إنجازاً حضارياً كبيراً ، وكذلك هناك معامل ضخمة في العالم ، وترع حُفِرَت ، وجسور أُقيمت ، وأراضٍ استصلحت ، ناهيك عن السدود التي أُقيمت ، هذه كلها أعمال ضخمة ، لكن عندما لا يكون هدف الإنسان إرضاء الله عزَّ وجل فإن ربنا عزَّ وجل قال :
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ (23)
(سورة الفرقان)
فالحروب الضخمة التي جرت في العالَم وذهب ضحيَّتها عشرات الملايين ، هؤلاء الذين تربَّعوا على عرش النصر ، هذا العمل ماذا فعلوا به ؟ فكل عملٍ لا يكون قصده إرضاء الله عزَّ وجل ، فالله سبحانه قال عنه :
 
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)
(سورة الفرقان)
 
الله رب النوايا والنيَّة أساس العمل :  
 
الهباء هي أوراق الأشجار اليابسة ، الهباء التُراب الناعم ، الهباء ذرات الماء المتطاير ، الهباء الحجارة الصغيرة ، الهباء ذرَّات الـهباب ـ ذرات الفحم ـ شيءٌ تافه لا قيمة له إطلاقاً :
 
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)
(سورة الفرقان)
الإنسان أحياناً يعمِّر بيتاً ، يعتني به عناية بالغة ، يقول لك : أربع سنوات وأنا أكسوه ، وربما لا يُتاح له أن يسكنه ، إذا خرجَ منه إلى القبر ، فماذا استفاد من هذا البيت ؟ هذا :
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)
(سورة الفرقان)
وبعض الناس أحياناً يعمل عملاً له ضجيج كبير لكن عند الله ليس له وزن ، العمل الصالح هو الذي يعمله الإنسان ابتغاء مرضاة الله عزَّ وجل وفيه نفعٌ للناس فيه نفع كبير ، قال تعالى :
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)
(سورة الفرقان)
هناك أعمال تلفت النظر ، في الدنيا أعمال تُمْتِع ، فيها أعمال فنيَّة تضحك ، تطالعك أعمالٌ مسرحيَّة ، وأعمال قصصيَّة ، وأعمال في التأليف ، وأعمال في البناء ، وأعمال كالمعارض ، وجسور معلقة رائعة التصميم ، وأشياء كثيرة جداً غيرها ، فإذا الإنسان ابتغى من إقامة مُنشأة خدمة المسلمين والتخفيف عنهم فهذا عمل عظيم ، وإذا عمل عملاًً هدفه نفع البشريَّة ، ويبتغي وجه الله تعالى فهذا عمل عظيم كذلك ، لأن الله رب النوايا ، النيَّة أساس العمل .
(( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)) .
 [ صحيح البخاري عن عمر بن الخطَّاب ] 
 
كل عملٍ ترضي به الله عزَّ وجل وتقصد به وجهه الكريم يمتدُ أثره إلى الآخرة :  
 
الإنسان بشكل عام يتزوَّج بنيَّة أن يحصن نفسه ، وبنيَّة أن يهدي زوجته ، وأن ينجب ذريَّةً صالحة ، فهذا عمل عظيم لأن أثره يستمر إلى الآخرة ، أيّ عملٍ ترضي به الله عزَّ وجل ، أو تقصد به وجه الله عزَّ وجل يمتدُ أثره إلى الآخرة ، لكنْ أيُ عمل تستهدف الاستمتاع فيه ، المتعةَ الرخيصةَ مهما كان فهو هباء ، فهناك صالات قِمـار ـ مثلاً ـ يقول لك : الصالة كلَّفت أربعين مليوناً ، صالة قِمار ، هذا العمل يوم القيامة يُسْأل عنه : ماذا فعلت يا عبدي ؟ فيقول : والله أنشأت صالة قمار ليس لها مثيل :
 
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)
(سورة الفرقان)
بعض الأعمال أساسها إثارة الشهوات ، فهناك معامل ضخمة تصدِّر أفلاماً معيَّنة تثير شهوات الشباب أحياناً وغرائزهم ، وهناك أعمال معيَّنة غايتها منكرة كذلك ، فما كل عمل يرضى عنه الله عزَّ وجل ؛ بل العمل الذي تبتغي به وجه الله أولاً ، وتبتغي به نفع المسلمين ثانياً ، هذا العمل الذي يمتدُّ أثره إلى ما بعد الموت ، هذا العمل الذي يأتي كالجبال ، حتى النبي عليه الصلاة والسلام قال : الإنسان حينما يطعم لقمةً في سبيل الله يراها يوم القيامة كجبل أحد .
حينما صعد بعضهم إلى القمر ، وكلَّفت هذه الرحلة أربعة وعشرين ألف مليون من العملات الصعبة ، فهذا عمل وصفه بعضهم بأنه عمل دعائي ، ماذا فعلت للبشريَّة ؟ هل خفَّفت من آلامها ؟ هل بحثت عن دواءٍ للأمراض المستعصية ؟ هل أمَّنت سكناً لهؤلاء الناس؟ العمل الصالح هو الذي ينفع الناس ويرضي الله سبحانه .
 
كل عمل لا يبتغي به صاحبه رضوان الله عزَّ وجل فهو عمل ضلالة وسفاهةٍ :
 
لو فرضنا واحداً عنده أسرة بحاجة لدخلِهِ ، فأنفق دخله على زينته الشخصيَّة ، فهذا العمل لا يرضي الله عزَّ وجل :
 
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)
(سورة الفرقان)
القصد أن هؤلاء الأجانب الكفَّار حينما يقدِّمون إنجازاً ضخماً لا يبتغون به نفع البشريَّة ؛ بل يبتغون ابتزاز أموالها ، ونقل الثروات من هذه الدول الفقيرة إلى الدول الغنيَّة ، هذه الأعمال ولو بدا أنها إنجاز عظيم ، فمثلاً ممكن بمشروع ضخم أن يعطي القمر الصناعي كل محطَّات العالم في التلفزيون ، وكلها برامج تسيء إلى أخلاق الشباب ، فما هذا العمل العظيم ؟ إذا استطعنا أن ننقل كل المحطَّات في العالَم والنوادي الليلية إلى بيوتنا ، ما هذا العمل العظيم ؟ فكل عمل ولو بدا أنه عظيم جداً ما دام هدفه ليس نفعَ المسلمين ، وليس يبتغي به صاحبه رضوان الله عزَّ وجل فهو عمل ضلالة وسفاهةٍ ، ربنا عزَّ وجل قال :
 
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)
(سورة الفرقان)
لا قيمة له ، شخص ما مثلاً لو كان معه شيك بمبلغ ضخم وهو معتز فيه ، فلمَّا قدَّمه ليصرفه ظهر أنه مزوَّر ، فكيف يحس بالإحباط ؟ كان لديه عملة وكانت مزيفة باطلة فمهما كثرت لا قيمة لها ، فربنا عزَّ وجل يوم القيامة ، إزاءً هذا الذي ظنَّه الكافر إنجازاً ضخماً :
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)
(سورة الفرقان)
 
البطولة أن تكون آخر من يضحك لا أن تكون أول من يضحك :  
 
الحقيقة فإنّ البطولة في هذه الساعة أنّ الغنى والفقر يعرفان حقاً بعد العرض على الله ، البطولة أن تكون آخر من يضحك لا أن تكون أول من يضحك ، هناك من يحقق شيئاً في الحياة الدنيا فيفرح ، هذا الفرح لا قيمة له :
 
﴿ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ(76)وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا ﴾
( سورة القصص )
فالذي يفرح بالدنيا هذا محدود التفكير ، لأنه مَن عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عُقبى ، قل لي ما الذي يفرحك أقل لك مَن أنت ، هل يفرحك المال ؟ إذاً أنت عبد المال ، هل يفرحك الطعام والشراب ؟ فأنت عبد البطن ، هل تفرحك الثياب الأنيقة ؟ فأنت عبد الخميصة ، هل يُفرحك اقتناص الشهوات ؟ إذاً أنت عبد الفرج ، هل يفرحك أن تكون قريباً من الله عزَّ وجل ؟ فأنت عبد الله ، ما الذي يفرحك ؟ وما الذي يحزنك ؟
﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا (24)
(سورة الفرقان)
أيْ استقرّوا في سعادةٍ أبديَّة ، استقروا في الجنَّة :
 
﴿ وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)
(سورة الفرقان)
أي منزلاً ، المقيل مكان القيلولة ، مكان الراحة .
 
الملائكة تتنزَّل يوم القيامة لتحاسب الناس على أعمالهم فهي موكَّلةً بحساب الناس :
   
 
قال تعالى :
 
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ(54)فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ(55)﴾
 ( سورة القمر )
وقال :
﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)
(سورة الفرقان)
من علامات قيام الساعة ومن علامات اليوم الآخر أن السماء تنشق عن غمامٍ ، عن سحابٍ لطيف ، والملائكة تتنزَّل لتحاسب الناس على أعمالهم فهي موكَّلةً بحساب الناس :
 
﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ (26)
(سورة الفرقان)
بهذه الآية إشارة دقيقة جداً ، لو كنت تملك بيتاً أغلى أنواع الملكيَّة ، ملك حر ، معك أوراق رسميَّة للملكية ، ليس عليه أية مشكلة ، ليس معرضاً لِتنظيم ، يقع في موقع ممتاز ، تحس أن هذا البيت ملكك ، لكن هذا ليس ملكاً حقيقياً ، لأن الإنسان لابدَّ أن يتركه ، ربنا عزَّ وجل وصف المُلك الحقيقي الذي لا يزول :
 
﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ (26)
(سورة الفرقان)
 
الملك الحقيقي هو ما كان ثابتاً مستقراً أما المُلك الذي يزول ليس ملكاً :
 
إذاً كل أملاك البشر أملاكٌ وهميَّة ، ما دام هذا القلب ينبض فهذا البيت لك ، ما دام هذا القلب ينبض فهذه المركبة لك ، ما دام هذا القلب ينبض فهذه المزرعة لك ، حسب سجلات الطابو ، لكن إذا توقَّف القلب فليست لك ، فالملك الحقيقي هو ما كان ثابتاً مستقرَّاً ، أما المُلك الذي يزول ليس ملكاً ، والنبي عليه الصلاة والسلام سمَّى الدنيا عاريةٌ مستردَّة ، دار انقطاع ، والانقطاع مفاجئ ، البناء الذي هو تدريجي في سن العاشرة كذا ، وفي السنة الخامسة عشرة كذا ، وبالعشرين ، بالخامسة والعشرين كذا ، وبالثلاثين ملك بيتاً ، بالخامسة والثلاثين ملك مركبة ، وبالسابعة والثلاثين تزوج ، بكذا سنة من عمره اشترى مزرعة ، بالسنة الفلانيَّة أسَّس معملاً ، غيَّرتَ المفروشات في سنة كذا ، الدنيا تتراكم بين منزل ، بين أثاث ، بين مفروشات ، بين معمل ، بين سيارة ، بين مزرعة ، بين متنزَّه ، أمورك انتظمت، تتراكم ، لكن يأتي الموت ليأخذها دفعةً واحدة بثانية واحدة ، فهذه المشكلة :
 
﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)
(سورة الفرقان)
يوم عسير ، في الدنيا تواجهك أيامٌ عسيرة ، إذا كان الإنسان مخالفاً لبعض الأنظمة وضُبِطَ متلبِّساً بهذه المخالفة ، والعقوبة سنوات طويلة في السجن ، وجئت لتُحَاسب أمام القاضي ، إذا حاسبك ربَّما شعرت بالدوار ، فكيف إذا حاسبك الواحد الديَّان ؟! حين لا واسطة ، ولا سند كفالة ، ولا محامٍ بارع له صلة مع القاضي ليدبرك :
 
﴿ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)
(سورة الفرقان)
 
يا ليتني أثمن ما سـيقوله الظالم عما تركه في الدنيا :  
 
ليس من شفيع يشفع لك ، ولا مانع يمنعه ، ولا مادَّة تفسَّر تفسيراً آخر لمصلحتك، ولا اجتهاد بمحكمة النقض لمصلحتك :
 
﴿ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ (27)    
(سورة الفرقان)
يعضُّ ندماً ، يكاد الندم يأكل قلبه :
 
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي (27)
(سورة الفرقان)
يكون الإنسان مسافراً في بلد ثم يعود إلى بلده ، قد يقول بعد عودته : يا ليتني اشتريت كذا وكذا ، فهذا الذي قال عنه : يا ليتني هو أثمن ما في ذاك البلد ، الإنسـان كان في الدنيا ، ماذا يقول الظالم ؟ يقول : يا ليتني ، إذاً يا ليتني أثمن ما سـيقوله الظالم عما تركه في الدنيا .
 
الأحداث والقرآن والكون سُبُل واسعة جداً لمعرفة الله :  
 
أما يوم القيامة :
 
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)
(سورة الفرقان)
أي السبيل إلى الله ، الله عزَّ وجل له سُبُل ، سبيل الصدقة طريقٌ مفتوحٌ إلى الله ، الاستقامة على أمر الله طريق إلى الله ، بِرُّ الوالدين طريق إلى الله ، الإنصاف مع الزوجة طريقٌ إلى الله ، تربية الأولاد تربيةً حسنة طريقٌ إلى الله ، أن تنصح المسلمين في بضائعهم طريقٌ إلى الله عزَّ وجل ، فالطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، وهناك طريق إلى الله واسع جداً هو أن تتعرَّف إليه من خلال الكون ، وأن تتعرَّف إليه من خلال القرآن ، وأن تتعرَّف إليه من خلال الأحداث ؛ الأحداث والقرآن والكون سُبُل واسعة جداً لمعرفة الله ، لكن في هذه الآية لا بدَّ لك من رفيقٍ على هذا الدَرْب ، لا بدَّ لك من إنسانٍ يقودك إلى الطريق الصحيح ، من هنا شُرِّعَ أن يلزم الإنسان مجالس العلم ، الإنسان وحده قد يضل ، وقد يزل ، وربما لا يهتدي ، وقد يقع في المبالغات ، وربما لا يعرف للأشياء حجمها الحقيقي .
 
تقديم الرسول على السبيل تقديم الأهمِّ على المهم : 
 
 لذلك :
﴿ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)
(سورة الفرقان)
تقديم كلمة " الرسول " على كلمة " السبيل " تقديم الأهم على المهم ، فالمدرسة مهمَّة لكن الأهمَّ منها المُعَلِّم ، الجامعة مهمَّة لكن الأهمَّ منها الأستاذ في الجامعة ، الجامع مهم لكن الأهم منه الدعوة إلى الله فيه ، بناؤه شيء والدعوة إلى الله فيه شيءٌ آخر ، لذلك من أنواع عمارة المساجد ؛ عمارتها بالبنيان ، وعمارتها بالعبادات ، وعمارتها بالعلم ، فتقديم الرسول على السبيل تقديم الأهمِّ على المهم :
 
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى (28)
(سورة الفرقان)
يدعو الكافر بهلاكه :
﴿ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)
(سورة الفرقان)
الإنسان لا يخلو من صاحب سيِّئ ؛ ينصحه بالمعصية ، ينصحه بالبخل ، بإمساك ماله ، ينصحه بهذه السهرة المُختلطة ، ينصحه بهذه النزهة الجماعيَّة ، ينصحه بهذه الصفقة ولو كان فيها شبهة ، يقول لك : لا تدقِّق ، ينصحه بهذه الزوجة ولو كانت فاجرة ، اخترها زوجةً لك ، ينصحه بهذا البيت ولو كان مُغْتَصَباً ، ينصحه بهذا الصديق ولو كان آثماً، فالكافر من شأنه أنه يدلّك على الشر :
 
﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا(27)﴾
( سورة النساء )
 
يصبح بين الأزواج والأولاد يوم القيامة عداوة مآل وليست عداوة حال :
 
قال :
 
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى
(سورة الفرقان)
يا هلاكي :
 
﴿ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)
(سورة الفرقان)
لذلك من بعض معاني الآية الكريمة :
 
﴿ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ(14)﴾
( سورة التغابن )
عداوة مآل وليست عداوة حال ، من شأن الزوج أن يحبَّ زوجته ، ومن شأن الأب أن يحبَّ ابنه ، لكن لو أن أباً أطاع ابنه وعصى ربَّه ، لو أن زوجاً أحبَّ زوجته وعصى من أجلها ربَّه ، يرى يوم القيامة أن هذا الولد وهذه الزوجة هما سبب شقائه ، وهما سبب حرمانه ، لذلك تنشأ عنده عداوةٌ تجاه هذه الزوجة وتجاه هذا الولد ، ولذلك يوم القيامة يقول :
﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ (29)
(سورة الفرقان)
الذكر هو القرآن الكريم ، أضلَّني عنه .
 
احذر عند اختيار أصحابك وإياك أن تختار صاحباً بعيداً عن الله عزَّ وجل :   
 
يا أخي لا تدقِّق هذا الكتاب ليس لهذا الزمان ، غداً حينما تبلُغ الثمانين تتوب إلى الله عزَّ وجل ، غداً حينما تذهب للحج تُلقي بذنوبك هناك ، الآن استغل حياتك ، استغل شبابك ، أنت عندك أولاد ، عندك صغار ، عليك أن تأخذ المال من أي طريقٍ كان ، هذا صاحب السوء ، لذلك قل لي من تصاحب أقل لك من أنت ، لا تختر صاحباً بعيداً عن الله عزَّ وجل :
 
﴿ وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا(28)﴾
( سورة الكهف )
لا تطعه ، هو متفلت ، تائه ، أموره كلها خاسرة ، وَلا تُطِعْ :
 
﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ(15)﴾
( سورة لقمان )
خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا .
 
الإنسان بيده الحل الأمثل فهو مخيَّر :  
 
قال تعالى :
 
﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ (29)
(سورة الفرقان)
وهو القرآن :
 
﴿ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي (29)
(سورة الفرقان)
يا أخي ربنا عزَّ وجل قال :
 
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ(30)﴾
( سورة النور )
بينما قرين السوء يقول : لكن يا أخي هذه الآية ليست لهذا الزمان ، هذا الزمان صعب ، والله صحيح إن هذا الزمان صعب إذاً نمتع أبصارنا بمطاردة النساء :
 
﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي (29)
(سورة الفرقان)
هذه العلاقة فيها ربا ، يقول لك : يا أخي الآن الربا عام معمول به في كل بلد ومكان ، هذا بلاء عام ، عموم البلوى يعفيك من أسباب تخوفك :
 
﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي (29)
(سورة الفرقان)
أخي هذه الحالة غير شرعيَّة ، فيجيبك : ماذا نفعل ما بيدنا حيلة ؟ كلُّه كلام ليـس له معنى ، لا ، إنَّ بيدك الحل الأمثل ، فأنت مخيَّر :
 
﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)
(سورة الفرقان)
 
 
تخلي الشيطان عن الإنسان عندما يقع :
عندما يقع الإنسان يتخلَّى عنه الشيطان :
 
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي
فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ(22) ﴾
( سورة إبراهيم )
وقال :
 
﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ (30)
(سورة الفرقان)
النبي عليه الصلاة والسلام :
 
﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30)
(سورة الفرقان)
تركوه ، بعضهم قال : " هذا قول النبي في الحياة الدنيا حينما رأى معارضة قومه له " .
وبعضهم قالوا : " هذا قول النبي في الآخرة " .
 
أن تهجر القرآن ليس معنى هذا ألا تقرأه بل له معانٍ أخرى كثيرة :  
 
على كلٍ :
 
﴿ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30)
(سورة الفرقان)
أن تهجر القرآن ليس معنى هذا ألا تقرأه ، فمن معانيه ألا تقرأه ، ومن معانيه أيضاً ألا تحاول فهمه ، من معانيه ألاّ تعمل به ، ومن معانيه ألا يدخل هذا الكتاب في حياتك اليوميَّة ، هو داخل عند الموت فقط ، عند التعازي ، في أمسيات التعزية يتلى القرآن ، ممكن أن يقدِّمه أحدٌ هديَّة ، تقبله كهديَّة ليوضع في مكان بارز في المكتبة ، ومن الممكن وضعه في مركبتك في المقدِّمة ليراه الآخرون ، ممكن أن تجعل في محلِّك التجاري بعض آياته ، لكنك لا تتعاملُ معه تعاملاً حقيقياً ، أنت لا تحلُّ حلاله ولا تحرِّم حرامه ، ولا تأخذ بوعده ولا بوعيده ، ولست مصدِّقاً ما فيه ، فلو أن إنساناً جاءه خطيب لابنته ليـس ديِّناً إطلاقاً ، لكنْ له مال ومكانة ، فإنه يزوَّجه ابنته ، فإن هذا الإنسان لو كان يقرأ كل يوم ختمة فرضاً ، أو كل ثلاثة أيام ختمة لما أفاد شيئاً ، فهو حينما قرأ قوله تعالى :
 
﴿ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ(221)﴾
( سورة البقرة )
فإن لم يصدق كلام الله تعالى ، ولا أخذ به ، ولا اهتمَّ به ، ولا عاشه ، ولا دخل هذا القرآن في حياته اليوميَّة ، جعله للتبرُّك ، بقي القرآن للمناسبات ، فهذا معنى الآية :
 
﴿ اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30)
(سورة الفرقان)
 
أدلة من الكتاب والسنة على ضرورة العمل بأحكام القرآن وفهم مضمونه :  
 
هجره في تعامله اليومي ، في زواجه ، في علاقته بزوجته ، في علاقته بأولاده ، في علاقته بمجتمعه ، وعلاقته بجيرانه ، في علاقته بآخرته ، علاقته بربِّه ، علاقته بنفسه ، ما أخذ به ، جعله كتاباً من التراث ، قرأه تبرُّكاً ، واتخذه زينةً ، ولكن ما عمل بمضمونه ، فإذا رأى شخص بلاغاً على الحائط بمنع التجوُّل وفيه  : " تحت طائلة إطلاق الرصاص " فانتبه للورق ، انتبه للحَرف ، للطباعة ، انتبه للتوقيـع ، انتبه للخاتم ، انتبه للصياغة ، انتبه ، لكن ما انتبه للمضمون ، ما فهم مضمون البلاغ ، أليس قد ضلَّ ضلالاً بعيداً ، فجاءته رصاصةٌ فأنهته ، أنت عليك أن تنتبه للمضمون ، لعبارة ممنوع التجوُّل ، ادخل إلى البيت فوراً هذا أقل شيء عليك فعله .
فأن تهجره ، أيْ ألا تعمل بأحكامه ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( ربَّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه)) .
[ ورد في الأثر]
 وقال :
(( اقرأ القرآن ما نهاك ، فإن لم ينهك فلست تقرؤه )) .
[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]
وقال :
(( مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَهُ)) .
[ سنن الترمذي عن صهيب ]
 
هناك قانون عام أن لكل نبيٍّ عدواً من المجرمين :     
 
قال تعالى :
 
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)
(سورة الفرقان)
يهديك إلى سواء السبيل وينصرك ، وكأنَّ هناك قانوناً عاماً أن لكل نبيٍّ عدواً من المجرمين ، سيدنا موسى في المناجاة قال : " يا رب لا تبقي لي عدواً " فقال الله عزَّ وجل : " يا موسى هذه لم تكن لي " ، أي أن هذه ما صارت لله ، بمعنى أن هناك أعداءٌ لله كُثُر ، فإذا أنت على حق وهناك من يعاديك فهذا شيءٌ طبيعي جداً ، إذا كنت :
 
﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ(79)﴾
( سورة النمل )
إذا كنت على الحقِّ المبين وكان لك خصوم مناوئون ، معارضون ، شامتون ، حاسدون لا تهتم بذلك ، لأن الله عزَّ وجل كفى به هادياً لك إليه ونصيراً لك على خصومك :
 
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)
(سورة الفرقان)
والحمد لله رب العالمين
 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب